اسم الله الودود
قال تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾[البروج:14]
الودود بمعنى: فاعل، أي: يود عبادَه من أنبيائه ورسله وأوليائه.
وبمعنى مفعول أي: يودُّهُ عبادُه، فالله سُبحَانَهُ وادٌّ ومودود، كما قال الله عَزَّ وَجَل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ﴾ [التوبة:54]، وقد اقتصر الإمام البخاري في «صحيحه»(13/ 408) في كتاب التوحيد على المعنى الثاني، وقال: الْوَدُودُ الْحَبِيبُ. اهـ. واللفظ يتناول المعنيين، كما قرر هذا ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ.
وهذا نص كلام ابن القيم:
قال رَحِمَهُ الله في «التبيان في أقسام القرآن»(93): الودود المتودد إلى عباده بنعمه، الذي يود من تاب إليه وأقبل عليه.
وهو الودود أيضًا، أي: المحبوب، قال البخاري في «صحيحه»: الودود الحبيب. والتحقيق أن اللفظ يدل على الأمرين على كونه وادًّا لأوليائه، ومودودًا لهم، فأحدهما بالوضع والآخر باللزوم، فهو الحبيب المحب لأوليائه يحبهم ويحبونه، وقال شعيب عليه السلام ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾.
وقال رَحِمَهُ الله في «طريق الهجرتين»(233): وتأمل سر اقتران هذين الاسمين في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِيءُ وَيُعِيدُ وَهُوَ الْغَفُورُ الْودُود﴾[البروج: 13-14]، تجد فيه من الرد والإنكار على من قال: لا يعود الود والمحبة منه لعبده أبدًا، ما هو من كنوز القرآن ولطائف فهمه، وفي ذلك ما يهيج القلب السليم ويأْخذ بمجامعه ويجعله عاكفًا على ربه-الذى لا إله إلا هو ولا رب له سواه-عكوف المحب الصادق على محبوبه الذى لا غنى له عنه، ولا بد له منه، ولا تندفع ضرورته بغيره أبدًا.
وقال رَحِمَهُ الله في « جلاء الأفهام»(315): أما الْوَدُود فَفِيهِ قَولَانِ:
أَحدهمَا: أَنه بِمَعْنى فَاعل، وَهُوَ الَّذِي يحب أنبياءه وَرُسُله وأولياءه وعباده الْمُؤمنِينَ.
وَالثَّانِي: أَنه بِمَعْنى مودود، وَهُوَ المحبوب الَّذِي يسْتَحق أَن يُحَب الْحبّ كُله، وَأَن يكون أحب إِلَى العَبْد من سَمعه وبصره وَجَمِيع محبوباته. اهـ.
والودود فيه صفة الود لله عَزَّ وَجَل.
قال ابن القيم رَحِمَهُ الله في «روضة المحبين»(47): وفيه سر لطيف، وهو أنه يحب التوابين، وأنه يحب عبده بعد المغفرة، فيغفر له ويحبه، كما قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾، فالتائب حبيب الله، فالود أصفى الحب وألطفه.
[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رحمه الله تعالى]