جديد المدونة

الأحد، 17 نوفمبر 2024

(173)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

 

قوله تَعَالَى: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾[الأحزاب:43].

هذه رحمة خاصة بالمؤمنين، يرحم الله المؤمنين في الدنيا والآخرة.

 

وفيه صفة الرحمة لله عَزَّ وَجَل، وأن الله أرحم الراحمين، أرحم بالخلق من أمهاتهم، وقد رأى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ امرأة تنظر ولدًا لها في سبي فلما رأته ألصقته ببطنها كما في الحديث الذي رواه البخاري (5999)، ومسلم (2754) عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيٌ، فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ قَدْ تَحْلُبُ ثَدْيَهَا تَسْقِي، إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قُلْنَا: لا، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ، فَقَالَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا».

« فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ» من شدة الفرح.

وعموم الآية يدل على أن الله أرحم بالإنسان من نفسه، وهو أرحم الراحمين.

هذه جملة من الآيات في صفة الرحمة لله عَزَّ وَجَل، وأهل التعطيل ينكرون هذه الصفة، وقالوا: الرحمة تأتي عن رقَّة في القلب وتأتي عن ضعف، فنفوا هذه الصفة؛ لأنهم قاسوا رحمة الله برحمة المخلوق، فوقعوا في الخطأ!

ونحن أهل السنة نثبت الصفة ونقول: من غير تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى:11]، وهذا هو الواجب علينا في صفات الله سُبحَانَهُ أن نثبتها ولا نشبه، أو ننفيها، إثباتًا من غير تشبيه، ونفيًا من غير تعطيل، والله أعلم.

[مقتطف من دروس العقيدة الواسطية لابنة الشيخ مقبل رحمه الله تعالى]