جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 16 مارس 2023

(166)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله

 

[مسألة فقهية في الجمع بين حديث القلتين وحديث «إن الماء لا يَنجس»]

الشيخ:  وجه الجمع بين الحديثين، اللذين هما « إذا بلغ الماء القلتين»، و«إن الماء لا يَنجس»، أسألك ما وجه الجمع بينهما؟

الطالب:  أنا أدري، لكن هو ما ذَكر هنا وجه الجمع.

الشيخ:  لا، هو أشار إلى هذا.

الطالب:  أن أحدهما خاص والآخر عام ([1]).

الشيخ:  أيه، «إذا بلغ الماء القلتين» وإذا كان(بلغ قلتين) فلا ينجس، وإذا كان أقل فهو الذي يعني(ينجس)، هذا قولُهُ.

 ومن أهل العلم من يقول: «إذا بلغ الماء قلتين» مفهومه إذا كان أقل فإنه يضره، لكن «إن الماء لا ينجس» منطوق، والمنطوق مقدم على المفهوم، فالماء لا ينجس إلا بنجاسةٍ تحدُثُ فيه تُغَيِّر أحدَ أوصافه، فإن المستعمِل يكون مستعمِلًا للنجاسة إذا غيَّرت أحد أوصافه، هذا جمع الذي سمعتموه قبلُ، أنه إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث، والماء لا ينجس إذا كان أكثر من قلتين، هذا الجمع الذي ذكره السيوطي.

 وهناك جمع آخر: أنه إذا بلغ الماء قلتين مفهومه إذا لم يبلغِ القلتين، فإنه يحمل الخبث، و «الماء لا ينجس» منطوق، والمنطوق مقدم على المفهوم، فالماء لا ينجس إلا إذا تغيرت أحدُ أوصافه بنجاسةٍ تحدث فيه؛ فإن الشخصَ يكون مستعمِلًا للنجاسة، طيب خيرًا إن شاء الله.

[إذا لم يتغير أحد أوصاف الماء بسبب النجاسة ولكن ظَنَّ أنه يستعمل النجاسة]

الطالب:  إذا حدثت النجاسة ولم يتغير الماء؟

الشيخ:  ولم يغيِّر الماء؟

الطالب:  نعم.

الشيخ:  ولا يظن استعمال النجس باستعمالِهِ أم يظن؟

الطالب:  كيف يظن أنه استعمل النجاسة؟

الشيخ:  المسألة ظنِّيَّة ولا شيء، -أنت تظن- وقعت قطرةُ بول بين إناء قدر صاع، فهل أنت تظنُّ أنك تستعمل هذه القطرة؟

الطالب:  لا، أستعمل الماء.

الشيخ:  تستعمل الماء، إذا كان المُهم المسألة بالظن وإلا فلا([2])، إذا تغير أحد أوصافه بنجاسةٍ تحدث فيه.

الطالب: نعم يا شيخ، الزيادة ضعيفة؟

الشيخ:  إيه، الزيادة هي ضعيفة، متفق على ضَعْفِهَا([3]).

الطالب: فيُعمل بها؟

الشيخ: لا([4])، بس أتذكَّرُ من الذي زادها، رشدين بن سعد وكان صالحًا في دينه مغفلًا في روايته.

[المرجع مراجعة تدريب الراوي لوالدي رَحِمَهُ الله]

 



([1]) قال السيوطي رَحِمَهُ الله في « تدريب الراوي»(2/653): وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثِ الْأَحْكَامِ: حَدِيثُ: «إِذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الْخَبَثَ» .

وَحَدِيثُ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَاءَ طَهُورًا لَا يُنَجِّسُهُ إِلَّا مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ».

فَإِنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُهُ طَهَارَةُ الْقُلَّتَيْنِ، تَغَيَّرَ أَمْ لَا، وَالثَّانِي: ظَاهِرُهُ طَهَارَةُ غَيْرِ الْمُتَغَيِّرِ، سَوَاءٌ كَانَ قُلَّتَيْنِ أَمْ أَقَلَّ، فَخُصَّ عُمُومُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ.

([2]) أي: إذا لم يظن أن يستعمل النجاسة فيبقى الماء على طهوريتِهِ، حتى يتغير أحد أوصاف الماء.

قال الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في «شرح بلوغ المرام»(1/69): فأنت أيها المسلم، احتط لنفسك الذي يغلب على ظنك أن النجاسة تكثر لعلها تؤثر فيه، لا تستعمله إلا لحاجة، وأما الذي يغلب على ظنك أن النجاسة لا تؤثر فيه أو تأكدت أنها لم تؤثر فيه، فلا يهمك أن يكون قليلًا أو كثيرًا، هذا هو الذي تدل عليه الأدلة والقواعد العامة في الشريعة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.

([3]) أي: زيادة: «إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ».

([4]) كذا العبارة، ووالدي مشغول بما بعدها، وكلامه رَحِمَهُ الله يفيد العمل بهذه الزيادة، وإذا ظنَّ استعمال النجاسة باستعماله عمل بظنِّهِ.

والمقصود غير الموسوس، أما صاحب الوسواس فلا اعتبار بظنه؛ لأنه عنده شكوك، وما عنده يقين.