حكم تزوج السيد بِسُرِّيَّتِهِ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْتَقَ صَفِيَّةَ، وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا» رواه البخاري(5086)، ومسلم (1365).
نستفيد من هذا الحديث:
- جواز عتق الأمة ثم التزوج بها، ويكون عتقها صداقها.
-وأن الأمة المملوكة لا يحل لسيدها أن يتزوج بها؛ لأن ملك الرقبة أقوى من عقد النكاح.
قال ابن قدامة في «المغني»(7/148): وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَمَتَهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يُفِيدُ مِلْكَ الْمَنْفَعَةِ، وَإِبَاحَةَ الْبُضْعِ، فَلَا يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَقْدٌ أَضْعَفُ مِنْهُ. وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ وَهِيَ أَمَةٌ، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا. وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَكَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا، انْفَسَخَ نِكَاحُهَا. وَلَا نَعْلَمُ فِي هَذَا خِلَافًا.
وقال صاحب « زاد المستقنع»: ولا سيدٌ أمتَه.
وشرحه الشيخ ابن عثيمين رَحِمَهُ الله في« الشرح الممتع» (12/152): ، وقال: أي: لا ينكح سيدٌ أمتَه، يعني لا يعقد عليها النكاح، وليس المعنى ألا يطأ، فإنه يطؤها بملك اليمين؛ لأن الله جعل ملك اليمين قسيمًا للنكاح فقال: ﴿إلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾[المؤمنون: 6]، فدلَّ ذلك على أنهما لا يجتمعان:
لأن قسيم الشيء مباين له.
ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم أعتق صفية وجعل عتقها صداقًا.
وأيضًا فإن وطأه إياها بملك اليمين أقوى من وطئه إياها بالعقد؛ لأن ملك اليمين يحصل به الملك التام، فيملك عينها ومنافعها، والنكاح لا يملك إلا المنفعة التي يقتضيها عقد النكاح شرعًا أو عرفًا، فهو مقيد.
قال أهل العلم: ولا يَرِدُ العقد الأضعف على العقد الأقوى، فهو يستبيح بُضعها بملك اليمين الذي هو أقوى من عقد النكاح.