هل يأتي بعد الصحابة من هو أفضل منهم؟
الجواب:
عن أبي جُمُعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: تَغَدَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ ابْنُ الْجَرَّاحِ، قَالَ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ أَحَدٌ خَيْرٌ مِنَّا؟ أَسْلَمْنَا مَعَكَ وَجَاهَدْنَا مَعَكَ، قَالَ: نَعَمْ، قَوْمٌ يَكُونُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي. رواه الإمام أحمد (28/181).
وذكره والدي رَحِمَهُ الله في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين»(301)، تحت ترجمة: فضل الإيمان بالغيب.
ولا يدل أن مَنْ يأتي بعد الصحابة فيه من هو أفضل منهم مطلقًا، فقد روى البخاري (3673)، ومسلم (2541) عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ، ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلَا نَصِيفَهُ».
ولكنه من حيث الإيمان بالغيب، كما ترجم لذلك والدي رَحِمَهُ الله بما تراه، فهم أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مُطْلَقًا. كما يأتي في كلام الحافظ ابن كثير.
تنبيه: حديث أبي جمعة جاء بلفظ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَنَا مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ عَاشِرَ عَشَرَةٍ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ مِنْ أَحَدٍ أَعْظَمُ مِنَّا أَجْرًا، آمَنَّا بِكَ وَاتَّبَعْنَاكَ، قَالَ: « وَمَا يَمْنَعُكُمْ مِنْ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، يَأْتِيكُمْ بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ؟ بَلْ قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعدِكُمْ يَأْتِيهِمْ كِتَابٌ بَيْنَ لَوْحَيْنِ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَعْمَلُونَ بِمَا فِيهِ أُولَئِكَ أَعْظَمُ مِنْكُمْ أَجْرًا».
أخرجه البخاري في «خلق أفعال العباد »(88)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني»(2136)، والطبراني في « الكبير»(4/23)، و «مسند الشاميين»(2066)، وفيه أبو صالح عبد الله بن صالح ضعيف.
وله طرقٌ أخرى. يراجع: تفسير سورة البقرة رقم الآية(3) للحافظ ابن كثير رَحِمَهُ الله.
وذكره بهذا اللفظ الشيخ الألباني في «الضعيفة»(649).
واستفدنا أيضًا من والدي رَحِمَهُما الله في دروسه تضعيفه بهذا اللفظ الذي فيه ذكر الصحف.
وقال رَحِمَهُ الله:
تعرف دليلًا على العملِ بالوجادة؟
الطالب: دليلٌ هنا لكنه ضعيف، هو الذي تريده؟
الشيخ: هو الذي أريده. يعني اللفظ السابق.
[المرجع: مراجعة تدريب الراوي الشريط التاسع]
وحديث أبي جمعة بهذا اللفظ يذكره بعض أهل الحديث في كتبهم.
قال الحافظ ابن كثير في تفسير سورة البقرة رقم الآية(3): هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْعَمَلِ بالوِجَادة الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا أَهْلُ الْحَدِيثِ؛ لِأَنَّهُ مَدَحَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ لَا مُطْلَقًا.