كان والدي لا يحاسِب عُمَّالَه، فقال لي رَحِمَهُ الله: قال فلان- يعني: أحد طلابه-: لماذا لا تُحاسبُ عُمَّالَكَ؟
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يحاسب عُماله.
قلت: قال البخاري رَحِمَهُ الله: بَابُ مُحَاسَبَةِ الْإِمَامِ عُمَّالَهُ. ثم أخرج(7197) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ ابْنَ الأُتَبِيَّةِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ، فَلَمَّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَاسَبَهُ قَالَ: هَذَا الَّذِي لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَهَلَّا جَلَسْتَ فِي بَيْتِ أَبِيكَ، وَبَيْتِ أُمِّكَ حَتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إِنْ كُنْتَ صَادِقًا»، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ النَّاسَ وَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَسْتَعْمِلُ رِجَالًا مِنْكُمْ عَلَى أُمُورٍ مِمَّا وَلَّانِي اللَّهُ فَيَأْتِي أَحَدُكُمْ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذِهِ هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ، وَبَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إِنْ كَانَ صَادِقًا، فَوَاللَّهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مِنْهَا شَيْئًا - قَالَ هِشَامٌ بِغَيْرِ حَقِّهِ - إِلَّا جَاءَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، أَلا فَلَأَعْرِفَنَّ مَا جَاءَ اللَّهَ رَجُلٌ بِبَعِيرٍ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بِبَقَرَةٍ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٍ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ، أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ. ورواه مسلم (1832).
قال النووي في «شرح صحيح مسلم»: فِيهِ مُحَاسَبَةُ الْعُمَّالِ؛ لِيُعْلَمَ مَا قَبَضُوهُ وَمَا صَرَفُوا.
وقال الحافظ في «الفتح»: فيه مَشْرُوعِيَّةُ مُحَاسَبَةِ الْمُؤْتَمَنِ.
فائدة: (الْعَامِل) من يعْمل فِي مهنة أَو صَنْعَة.
وَالَّذِي يتَوَلَّى أُمُور الرجل فِي مَاله وَملكه وَعَمله.
وَالَّذِي يَأْخُذ الزَّكَاة من أَرْبَابهَا.
«المعجم الوسيط»(2/628).
وَالْجَمْعُ عُمَّالٌ وَعَامِلُونَ، كما في « المصباح المنير»(430).