من أخلاقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله
عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قالت: كَانَ يَوْمَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِمَّا قَالَ: «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ» حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ، قَالَ: «حَسْبُكِ؟» قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَاذْهَبِي» رواه البخاري (949)، ومسلم (892).
وفي رواية للبخاري(5236): رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي المَسْجِدِ، حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، الحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.
في هذا الحديث: أخلاق النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع أهله، فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يستر عائشة وهي تنظر إلى الحبشة، وهم يلعبون يوم العيد.
ومعنى قولها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَسْأَمُ» أي: تمل.
وقد كانت صغيرة، توفي النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وعمرها ثمانية عشر عامًا؛ فالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ كان يترك لها الفرصة حتى تسأم؛ لأنها شابة صغيرة وما فعل هذا مع بقية نسائه، وهذا يدل أن الشابة تحتاج إلى تدليل ما ليس لغيرها.
وكذلك ينبغي في معاملة الأهل، لاسيما في الشابات من بنات أو زوجات أو ما أشبه ذلك؛ لأن لكل مقام مقالًا، ولكن الشابة يجب أن يقدر لها قدرها.
[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]