من أسباب ارتساخ المعلومات
يحتاج علم الحديث إلى اجتهاد، وكثرة ممارسة، وكذا الدروس؛ لتَرتسخَ المعلومات، وقد كان يمر بنا في دروس والدي الكلام على رجال الأسانيد، فيسأل عن نسبه وحاله، وكنيته، وهل ثبت سماعه من شيخه؟ وهل هو مكثر من الرواية أم لا؟ وبيان أن الراوي قد يكون ثقةً ولكن قد يضعَّف في بعض شيوخه.
من أمثلة ذلك:
سماك عن عكرمة، سماك حسن الحديث وخاصة إذا كان الراوي عنه شعبة؛ لأن شعبة من المتحرين في الأخذ، وإذا روى سماك عن عكرمة فيرد حديثه؛ لاضطرابه.
هشيم بن بشير ثقة، لكنه ضعيف إذا روى عن الزهري... وهكذا.
وكان يذكر والدي رحمه الله أن الراوي قد يكون اختلط، ولكن من سمع منه قبل الاختلاط فحديثه مقبول، ومن هؤلاء المحدثين المختلطين:
المسعودي، والجُريري، وعطاء بن السائب..
وهكذا الحمادان (حماد بن زيد وحماد بن سلمة)، والسفيانان (سفيان بن عيينة وسفيان بن سعيد الثوري)، والجَريران (جرير بن حازم وجرير بن عبدالحميد)، وهكذا الذين اتفقت أسمائهم أو كناهم، وقد يكونون في طبقة واحدة، مثل التابعيَّينِ وهما: أبو حازم عن أبي هريرة، وأبو حازم عن سهل بن سعد، الأول: سلمان الأشجعي، والثاني: سلمة بن دينار. فيحفظ هذا ويدخل في الذاكرة من غير كلفة، والبركة من الله.
وهذا من ثمار التلقي على أيدي الناصحين من أهل العلم، درر وكنوز في غاية النفاسة، أهم شيء عندهم لا يخرج طالب العلم إلا باستفادة، بنصيحة، باستقامة، وتغير من حال إلى أحسن، وهمة عالية، وآداب.