جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 2 يوليو 2022

(5) اختصار درس (مسائل الحج -فوائد حديث جابر الطويل في حجة الوداع)

 

 

يوم التروية: اليوم الثامن من ذي الحجة؛ سُمِّي بذلك لأن الناس يتروون بالماء لهم ولإبلهم، فكانوا يحملون معهم القَدر الذي يحتاجونه.

 

فوائد من حديث جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (فَلَمَّا كَانَ يَومُ التَّروِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى، فَأَهَلُّوا بِالحَجِّ، وَرَكِبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهَا الظُّهرَ وَالعَصرَ وَالمَغرِبَ وَالعِشَاءَ وَالفَجرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمسُ)

- فيه استحباب التوجه إلى منى اليوم الثامن، ويحرم من مكانه الذي هو فيه سواء كان في مكة أو غيرها ممَّن هو دون الميقات. ويستحب أن يحرم إذا انبعثت به راحلته، نفس الإحرام من الميقات.

والإحرام بالحج يوم التروية مستحب وهذا هو السنة، أما الجواز فيجوز تقديم الإحرام كما قال تَعَالَى: ﴿الحَجُّ أَشهُرٌ مَعلُومَاتٌ، فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ فَلاَ رَفَثَ، وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الحَجِّ﴾[البقرة: 197].

-وفيه الرد على من قال: يستحب لمن كان بمكة أن يحرم من المسجد، فالصحابة توجهوا يوم التروية إلى منى، وقد كانوا في الأبطح -موضع قريب من مكة-وأحرموا منها، كما في حديث جابر: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحلَلنَا، أَن نُحرِمَ إِذَا تَوَجَّهنَا إِلَى مِنًى، قَالَ: فَأَهلَلنَا مِنَ الأَبطَحِ.

-وفيه صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر اليوم الثامن بمنى، فهذا هو السنة. روى البخاري (1653 ومسلم (1309) عَن عَبدِ العَزِيزِ بنِ رُفَيعٍ، أنه سأل أَنَسَ بنَ مَالِكٍ رضي الله عنه الحديث وفيه: قُلتُ: أَينَ صَلَّى الظُّهرَ وَالعَصرَ يَومَ التَّروِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى.

 فنستفيد: أنه ليس من السنة أن يذهب الإنسان إلى المسجد الحرام في اليوم الثامن؛ ليؤدي الصلاة فيه، هذا يجوز لكن السنة خلاف ذلك.

-لم يذكر جابر رضي الله عنهمَا أن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بمنى، فنبقى على الأصل وهو التفريق وأداء كل صلاة في وقتها.

 وأما القصر فتصلى قصرًا بدليل حديث أبي جحيفة، وفيه: «ثُمَّ لَم يَزَل يُصَلِّي رَكعَتَينِ حَتَّى رَجَعَ إِلَى المَدِينَةِ» رواه البخاري (3566 ومسلم (503).

وهذا عام في المشاعر يشمل أهل مكة؛ لأن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بالإتمام، وهم يصلون خلفه.

 والرواتب القبلية والبعدية لا تصلى إلا راتبة الفجر؛ فإن النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لم يكن يدع راتبة الفجر سفرًا ولا حضرًا، كما روى البخاري (1169 ومسلم (724) عَن عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَت: «لَم يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكعَتَيِ الفَجرِ».

-وفيه المبيت بمنى ليلة التاسع من ذي الحجة، وهي ليلة عرفة، وهذا للاستحباب، فمن أخَّر الإحرام إلى اليوم التاسع وذهب مباشرة إلى عرفة من غير أن يبيت بمنى فهذا لم يعمل بالسنة، ولكنه من حيث الجواز يجوز.

-وفيه أنه يبقى بمنى في صباح اليوم التاسع حتى تطلع الشمس.

وحاصل ما يفعله الحاج اليوم الثامن: الغسل، والإحرام، والتوجه إلى منى قبل الزوال، الصلوات كلها بمنى، المبيت بمنى ليلة التاسع، الإكثار من التلبية والذكر وقراءة القرآن، وينبغي الحرص على قيام الليل واستغلال الوقت بالعبادة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اليوم التاسع من ذي الحجة: يوم عرفة

 قال جابر رضي الله عنهمَا في حديثه الطويل: «ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمسُ»، إلى أن قال:  «فَأَتَى بَطنَ الوَادِي، فَخَطَبَ النَّاسَ» الحديث.

-فيه التوجه إلى عرفة بعد طلوع الشمس.

-فيه أن قريشًا كانت تقف في مزدلفة، فخالفهم صلى الله عليه وسلم ومر بها مرورًا ولم يقف ومضى إلى عرفة.

وعند الذهاب إلى عرفة يلبِّي أو يكبِّر، عَن أَنَسِ قَالَ: «كَانَ يُهِلُّ مِنَّا المُهِلُّ فَلاَ يُنكِرُ عَلَيهِ، وَيُكَبِّرُ مِنَّا المُكَبِّرُ فَلاَ يُنكِرُ عَلَيهِ» رواه البخاري (1659 ومسلم (1285).

-وفيه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة نزل نمرة، وهذا قبل وادي عُرنة، ولما زالت الشمس أتى عرنة، ثم خطب بها وصلى الظهر ركعتين، ثم العصر ركعتين، ثم دخل عرفة.

-وفيه استحباب الخطبة يوم عرفة.

-واشتملت هذه الخطبة على حرمة المسلم في دمه وماله.

وقد تكررت هذه الموعظة: يوم عرفة. ويوم النحر، ووسط أيام التشريق، وهو اليوم الثاني عشر.

وهذا يفيد التحذير الشديد من انتهاك حرمة المسلم فلا يجوز لأحد انتهاكه بغير حق.

-وفيه أن الداعي إلى الله يختار الكلمات المناسبة التي ينتفع بها الناس.

-وفيه إبطال ما كان في الجاهلية قبل الإسلام كالفرقة والتناحر والعصبيات والنياحة كلطم الخدود وشق الجيوب.

-وفيه أن الإسلام يبطل ما كان في الجاهلية من دماء، فبعد الإسلام لا قصاص بينهم فيما كان بينهم في الجاهلية، ولا دية، ولا كفارة.

-وفيه أن الداعي إلى الله يبدأ بنفسه وأقربائه بالدعوة والتعليم، وهذا أدعى لقبول كلامه.

-وفيه تحريم الربا.

-وفيه الوصية الجامعة بالنساء بالإحسان إليها، والرفق بها، وإكرامها، وتحريم ظلمها، فالمرأة أمانة عند الرجل.

-وفيه بعض الحقوق الزوجية، ولا تستقر الحياة الزوجية ولا تُبنى الأسر إلا إذا أدِّيَت الحقوق.

-وفيه أن الاعتصام بكتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم أمان من الضلال.

-وفيه أن الله سيسأل هذه الأمة عن تبليغ نبيها لهم الرسالة.

-وفيه الإيمان بعلو الله وأنه في السماء.

-وفيه تكرير الكلام ثلاثًا إذا كان ذا أهمية.

-وفيه الجمع بين الظهر والعصر بعرفة جمع تقديم بأذان واحد وإقامتين.

-وفيه عدم التنفل بين الصلاتين. وهذا الحكم عام يدخل فيه أهل مكة وغيرهم، وفي حالة الجمع بين الصلاتين يكفي أن يقرأ الأذكار بعد الصلاة الثانية.

-وفيه التعجيل بالانصراف بعد الصلاتين إلى عرفة، وكما روى البخاري (1663) عَن سَالِمِ بنِ عَبدِ اللَّهِ، قال للحجاج: إِن كُنتَ تُرِيدُ أَن تُصِيبَ السُّنَّةَ اليَومَ فَاقصُرِ الخُطبَةَ وَعَجِّلِ الوُقُوفَ، فَقَالَ ابنُ عُمَرَ: «صَدَقَ».

-وفيه استحباب الوقوف عند الصخرات أسفل جبل الرحمة، وأما صعود جبل الرحمة فهذا ليس من السنة.

ولو وقف في أي مكان من عرفة أجزأه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَوَقَفتُ هَاهُنَا، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوقِفٌ» رواه مسلم (1218) عَن جَابِرٍ.

 والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الحَجُّ، الحَجُّ، يَومُ عَرَفَةَ». رواه أبو داود (1949 والحديث في «الصحيح المسند»(900) عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ يَعمَرَ.

-ووقت الوقوف بعرفة من بعد زوال الشمس ويمتد إلى طلوع فجر يوم النحر، فإذا طلع فجر يوم النحر فقد انتهى وقت الوقوف بعرفة، والدليل حديث عن عُروَةَ بنِ مُضَرِّسٍ، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن أَدرَكَ مَعَنَا هَذِهِ الصَّلَاةَ، وَأَتَى عَرَفَاتَ، قَبلَ ذَلِكَ لَيلًا أَو نَهَارًا، فَقَد تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تَفَثَهُ» رواه أبو داود (1950 وهو في «الصحيح المسند» (923) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ولو وقف بعرفة أدنى جزء من الوقت أجزأه وحجه تام، ولكن السنة ما تقدم.

-وفيه استحباب استقبال القبلة في الوقوف بعرفة، فيدعو الله وهو مستقبل القبلة.

أما الغسل للوقوف بعرفة فليس عليه دليل صحيح، لكن لو كان يحتاج إلى النظافة فينبغي أن يغتسل.

 ولا يلزم الطهارة الصغرى ولا الكبرى في الوقوف بعرفة؛ كما في حديث: «فَافعَلِي مَا يَفعَلُ الحَاجُّ، غَيرَ أَن لَا تَطُوفِي بِالبَيتِ حَتَّى تَطهُرِي» رواه البخاري (305 ومسلم (1211).

-وفيه أن السنة البقاء بعرفة إلى غروب الشمس، ولو خالف ودفع من عرفة قبل غروب الشمس، هذا فاته العمل بالسنة وحجه صحيح.