التحلي بتقوى الله عَزَّ وَجَل
على الصائم أن يستشعر ذلك، أنه يحتاج أن يحقق تقوى الله عَزَّ وَجَل، روى البخاري (1904) واللفظ له، ومسلم (1151) عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن النّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».
وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، أي: وقاية من النار، ووقاية من المعاصي، فالصيام عون على تقوى الله عَزَّ وَجَل.
والمعاصي تنقص أجر الصيام، فلا بد أن نحفظ أنفسنا من المعاصي، نحفظ ألسنتنا، نحفظ أبصارنا وأسماعنا وجوارحنا من المعاصي، وهذا يحتاج إلى مجاهدة، النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يقول: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ وَالجَهْلَ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رواه البخاري (6057) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
«وَالجَهْلَ» السَّفه، فعلى الصائم أن يجتنب السفه، وأخلاق الجهال والسفلة، آدابٌ وتقوى، وبذلك يحافظ الصائم على صيامه من النقص وإلا كان صيامه ناقصًا، هذا الذي تعب وأجهد نفسه في صيامه، لكنه لم يحافظ على صيامه من النقص، وهذه خسارة.
أخلاق وحِلْمٌ وهدوءٌ وسكينة «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ».
وَلَا يَصْخَبْ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: لَا يرفع صَوته وَلَا يغْضب على أحد.
هذا من آداب الصائم أنه لا يرفع صوته ولا يغضب؛ ولهذا النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لما أتاه رجل وقَالَ: أَوْصِنِي، قَالَ: «لا تَغْضَبْ» فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: «لا تَغْضَبْ» رواه البخاري (6116) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. هذا للصائم ولغير الصائم، لكن الصائم أحق أن يجتنب الغضب حتى يسلم له أجر صيامه من النقص، وهذا يحتاج إلى مجاهدة شديدة؛ فإن دواعي الغضب كثيرة، ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)﴾ [آل عمران].
وقد جاء صريحًا شرط التحفظ من الذنوب لغفران الذنوب، عن أبي سعيدٍ الخُدرِيّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، فَعَرَفَ حُدُودَهُ وَحَفِظَ مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْفَظَ مِنْهُ، كَفَّرَ مَا قَبْلَهُ» رواه أحمد(18/84)، وأبو يعلى (1058)، وفيه عبد الله بن قُريط ويقال: ابن قرط مجهول حال.
فحقيقة الصيام ترك جميع المفطرات واجتناب المعاصي، وبهذا يسلم للصائم صيامه من البطلان والنقص، وما أكثر ما نخشى على أنفسنا من هذه الأسباب التي تكون سببًا لنقص أجر الصيام! فلنحذر ولنلجأ إلى الله عَزَّ وَجَل أن يوفقنا في شهر رمضان، وأن يعيننا على أنفسنا.