جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 1 نوفمبر 2021

(33)أَوصَافُ طالبِ العلمِ الشرعِي

 

مسائل في العلم وأدب الاستفسار والسؤال

 

عن مَعْبَدِ بْنِ هِلالٍ العَنَزِيّ، قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِيّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقُلْنَا لِثَابِتٍ: لاَ تَسْأَلْهُ عَنْ شَيْءٍ أَوَّلَ مِنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَقَالَ: يَا أَبَا حَمْزَةَ هَؤُلاَءِ إِخْوَانُكَ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ جَاءُوكَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ.. الحديث. رواه البخاري (7510)، ومسلم (193).

 

من الفوائد:

 

قَالَ ابن التِّينِ: فِيهِ تَقْدِيمُ الرَّجُلِ الَّذِي هُوَ مِنْ خَاصَّةِ الْعَالِمِ لِيَسْأَلَهُ. قاله الحافظ.

وهذا من آداب إلقاء الأسئلة: تقديم بعض المقرَّبين -والذين اختُصُّوا بكثرة الملازمة- في سؤال العالم، وهو أجدر بتفاهم العالم، أو يتقدم من يعرف طريقة الأسئلة.

والذي لا يحسن يسأل قد يأتي بالسؤال بطريقة غير واضحة فيضيع الوقت، أو يسأل عن شيء لا ينتفع به، روى البخاري (3688ومسلم (2639) عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ قَالَ: «وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا». قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: «أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ». الحديث.

وثبت عن الْفَضْلِ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ لِرَجُلٍ أَلَحَّ عَلَيْهِ فِي تَعْقِيدِ الْمَسَائِلِ: فَقَالَ أَحْمَدُ: تَسْأَلُ عَنْ عَبْدَيْنِ رَجُلَيْنِ؟ سَلْ عَنِ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ شَيْئًا تَنْتَفِعُ بِهِ، وَنَحْوِ هَذَا، مَا تَقُولُ فِي صَائِمٍ احْتَلَمَ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: لَا أَدْرِي فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: تَتْرُكُ مَا تَنْتَفِعُ بِهِ، وَتَسْأَلُ عَنْ عَبْدَيْنِ رَجُلَيْنِ؟ أخرجه الآجري في «أخلاق العلماء» (110) وإسناده صحيح.

ولهذا كان السؤال النافع توفيقًا من الله روى مسلم (13) عن أَبي أَيُّوبَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا ..قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ-أَوْ يَا مُحَمَّدُ-أَخْبِرْنِي بِمَا يُقَرِّبُنِي مِنَ الْجَنَّةِ، وَمَا يُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ، قَالَ: فَكَفَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ نَظَرَ فِي أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ: «لَقَدْ وُفِّقَ، أَوْ لَقَدْ هُدِيَ»، قَالَ: كَيْفَ قُلْتَ؟ قَالَ: فَأَعَادَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «تَعْبُدُ اللهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصِلُ الرَّحِمَ، دَعِ النَّاقَةَ».

ومن ابتُلي بالتعصب لطرف من الأطراف قد لا يوفَّق في السؤال، فقد يجري الكلام في هذا الموضوع بسبب سؤال، ويكون من وراءه الجدل والخصام، ويضيع الوقت ربما الساعة أو أكثر من ذلك.

وقد عُدَّ حسن السؤال نصف العلم، كما قال سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى: حُسْنُ الْمَسْأَلَةِ نِصْفُ الْعِلْمِ. رواه أبو زرعة الدمشقي في «تاريخ دمشق» (317).

فيه حرص السلف على العلم.

-وفيه اهتمام المعلم بالعبادة وبالنوافل.

-وفيه الاستئذان عند الدخول إلى المعلم.

-وفيه الملاطفة في مخاطبة المعلم بدعائه بكنيته.