جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 1 نوفمبر 2021

(26)الآداب

 

من آداب البيوت

عن  مَعْبَدِ بْنِ هِلالٍ العَنَزِيّ، قَالَ: اجْتَمَعْنَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَصْرَةِ فَذَهَبْنَا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَذَهَبْنَا مَعَنَا بِثَابِتٍ البُنَانِيّ إِلَيْهِ يَسْأَلُهُ لَنَا عَنْ حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ، فَإِذَا هُوَ فِي قَصْرِهِ فَوَافَقْنَاهُ يُصَلِّي الضُّحَى، فَاسْتَأْذَنَّا، فَأَذِنَ لَنَا وَهُوَ قَاعِدٌ عَلَى فِرَاشِهِ. الخ وهو في سياق حديث الشفاعة.

قال ابن التِّينِ: فيه اتِّخَاذُ الْقَصْرِ لِمَنْ كَثُرَتْ ذُرِّيَّتُهُ. نقله الحافظ ابن حجر عنه.

القصر: بَيت فخم وَاسع، والجمع: قُصُور. «المعجم الوسيط»(2/739).

والبيت الواسع نعمة من الله عَزَّ وَجَل، ومن السعادة كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ مِنَ السَّعَادَةِ: الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ، وَالْمَسْكَنُ الْوَاسِعُ، وَالْجَارُ الصَّالِحُ، وَالْمَرْكَبُ الْهَنِيءُ، وَأَرْبَعٌ مِنَ الشَّقَاوَةِ: الْجَارُ السُّوءُ، وَالْمَرْأَةُ السوء، والمسكن الضيق، والمركب السوء» رواه ابن حبان كما في «موارد الظمآن » (4032) عن سعد رضي الله عنه، وهو في «الصحيح المسند» (378) لوالدي رَحِمَهُ الله.

ومن أدعية النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كما رواه الترمذي (3500) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ دُعَاءَكَ اللَّيْلَةَ، فَكَانَ الَّذِي وَصَلَ إِلَيَّ مِنْهُ أَنَّكَ تَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي» قَالَ: «فَهَلْ تَرَاهُنَّ تَرَكْنَ شَيْئًا»، والحديث حسَّنه الشيخ الألباني رحمه الله في «صحيح الجامع»(1265).

والبيوت كلها نعمة من الله حتى لو كانت ضيقة، لكنها إذا كانت أوسع فهي أكمل في النعمة، يقول الله تَعَالَى ممتنًّا على عباده: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا [النحل: 80]. فسمى الله البيت سكنًا؛ لأنه يسكن فيه عن الحركة، وترتاح فيه الأجسام، ويهنأ فيه العيش، وتهدأ فيه الهموم والمتاعب، ويجمع شتات العائلة، يقي من البرد والحر والشمس، تُكِنُّ أهلَها وتسترهم فما يدري أحد ما في داخل البيوت إلا الله سبحانه، فالبيوت مملكة خاصة، ولا أحد يجرؤ يتعدى على أهلها مادام الأمن سائدًا، حتى إن الشرع أمر بالاستئذان.

  فعلينا أن ندرك نعمة البيوت، وأن نحرص على إصلاحها، وعمارتها بالإيمان والتقوى وقراءة القرآن ونشر العلم، قال الله لنساء نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) [الأحزاب: 34]. وهكذا التحلي فيها بالآداب والأخلاق، والبعد عن المشاكل فيها وسده ما أمكن، حتى لا تتكدر هذه النعمة ونشغل عن الأهم. نسأل الله أن يعيننا جميعًا على أنفسنا، وأن يجعل بيوتنا بيوت خير وسعادة وسكينة وبركة.