جديد المدونة

جديد الرسائل

الخميس، 19 نوفمبر 2020

(46)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله

الاستمرار في طلب العلم حتى الموت

سمعت والدي رحمه الله يقول: إن شاء الله نطلب العلم إلى أن نموت.

قلت: ومن الآثار عن سلفِنا الصالح:

عبد الله بن المبارك قيل له: يا أبا عبدالرحمن، كم تكتب؟ قال: لعل الكلمة التي تقع فيها نجاتي لم تقع إليَّ. أخرجه الخطيب في «جامعه» (1726).

وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: ما زال القلم في يد أبي حتى مات. رواه الخطيب في «الكفاية» (574(.

 

حكم الذبيحة إلى غير القبلة

كان والدي الشيخ مقبل رحمه الله يفيدنا بأنه لا يلزم استقبال الذبيحة القبلة.

ولكنه كان يحذر من إحداث فتنة، فإن الناس يرون أن الذبيحة إذا لم توجه إلى القبلة تكون ميتة ما يحل أكلها.

وكان هناك طالب مصري من طلاب والدي قديما،وكان مقيمًا بدعوة في بعض المناطق اليمنية، وفي العيد قام وذبح الأضحية، ولم يوجِهها إلى القبلة، فثار العوام وكفروه وطردوه.أو نحو هذا.

وكان والدي يحث على مراعاة تأليف قلوب الناس وعدم تنفيرهم،ويذكر حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: «يَا عَائِشَةُ لَوْلا قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ وَبَابٌ يَخْرُجُونَ  فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ» رواه البخاري( 126(.

قلت: وللفائدة أنقل لكم فتوى الشيخ ابن عثيمين في «فتاوى نور على الدرب»في مسألة استقبال الذبيحة القبلة:

استقبال القبلة عند الذبح ليس بواجب،بل لو ذبح الإنسان لأي جهةٍ كانت فالذبيحة حلال، وعلى هذا لا يحتاج إلى لَيِّ الرقبة عند الذبح، بل إن أمكن أن يوجه الذبيحة كلها إلى القبلة وإلا ذبحها حيث كانت.


استشارة الطالب معلِّمَه

يذكرون في آداب الطالب أن يستشيرَ معلمه في أموره ،وقد مرَّ معنا هذا الأدب في درس «تدريب الراوي »عند والدي رحمه الله وغفر له فعلَّق، وقال:هذا إذا كان المعلم فاهمًا،أما إذا كان لا يعرف أن يتصرَّفَ لنفسه فلا.

 

تحذيره الطالب أن يرجِع بخفَي حُنين

كان والدي رحمه الله يحفِّز الطالب أن يجتهدَ في طلب العلم  حتى يرجعَ إلى بلده وقد استفاد.ويذكر قصة حُنين الذي يُضرَبُ به المَثَل  لمن رجَعَ  بغير فائدة وهذا نصُّ القصة :

 قال الميداني في «مجمع الأمثال» (1/296): قال أبوعبيد: أصلُه أي هذا المَثَل-أن حُنَينًا كان إسكافا من أهل الحِيرة، فساوَمَه أعرابي بخُفَّين، فاختلفا حتى أغْضَبه، فأراد غَيْظَ الأعرابي.

فلما ارتَحَلَ الأعرابي أخذ حنينٌ أحدَ خفيه وطَرَحه في الطريق، ثم ألقى الآخر في موضع آخر.

 فلما مرَّ الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا الْخفَّ بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته، ومضى، فلما انتهى إلى الآخر نَدِمَ على تركه الأولَ، وقد كَمنَ له حنينٌ، فلما مضى الأعرابي في طلب الأول عمد حنينٌ إلى راحلته وما عليها فذهب بها، وأقبل الأعرابي وليس معه إلا الخُفَّانِ.

 فقال له قومه: ماذا جئت به من سفرك؟

 فقال: جئتكم بِخُفَّيْ حُنَين.

 فذهبت مثلًا ، يضرب عند اليأس من الحاجة والرجوع بالخيبة.

وقوله:(كان إسكافا) الإسكاف: كُلُّ صَانِعٍ سِوَى الخَفَّافِ، فَإِنَّهُ الأَسْكَفُ، كأَحْمَد.

وَقَالَ شَمِرٌ: رَجُلٌ إِسْكَافٌ، وأُسْكُوفٌ: لِلْخَفَّافِ. أَو الإِسْكَافُ: النَّجَّارُ.

وَفِي المُحْكَمِ: الإِسْكَافُ، وَكَذَا لُغَاتُهُ الثَّلاثةُ: الصَّانِعُ أَيَّا كَانَ، وخَصَّ بعضهُمْ بِهِ النَّجَّارَ.كذا في «تاج العروس»(23/450(