عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: « إِنَّ نَبِيَّ اللهِ نُوحًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَوْ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، كُنَّ حَلْقَةً مُبْهَمَةً، قَصَمَتْهُنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، فَإِنَّهَا صَلَاةُ كُلِّ شَيْءٍ، وَبِهَا يُرْزَقُ الْخَلْقُ، وَأَنْهَاكَ عَنِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ، قَالَ: قُلْتُ- أَوْ قِيلَ- يَا رَسُولَ اللهِ: هَذَا الشِّرْكُ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: الْكِبْرُ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا نَعْلَانِ حَسَنَتَانِ لَهُمَا شِرَاكَانِ حَسَنَانِ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: الْكِبْرُ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا دَابَّةٌ يَرْكَبُهَا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِنَا أَصْحَابٌ يَجْلِسُونَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَمَا الْكِبْرُ؟ قَالَ: «سَفَهُ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ» رواه أحمد(6583).
وذكره والدي رَحِمَهُ الله في « الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين »( 1651).
وهذا حديث عظيم اشتمل على عدة وصايا.
ويدل على عناية الأنبياء بتعليم أولادهم.
أن من وصايا الأنبياء لأولادهم عند وفاتهم لزوم التوحيد والثبات عليه، وكما قال الله عَزَّ وَجَل في شأن يعقوب عليه الصلاة والسلام: ﴿أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133)﴾ [البقرة].
فهذه دعوة رسل الله الدعوة إلى التوحيد، وهي وصيتهم لأولادهم، وأيضًا لغيرهم.
وفيه: فضل كلمة التوحيد لا إله إلا الله.
وفيه: أن صلاة الخلق(سبحان الله وبحمده). وكما قال تَعَالَى: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44)﴾ [الإسراء:44].
التسبيح لغة: الإبعاد عن السوء. كما في «أضواء البيان»(4/232).
وشرعًا: تنزيه الله عما لا يليق به، كتنزيه الله عن الشريك والصاحبة والولد والنوم والعجز وجميع الرذائل والنقائص.
قال الصنعاني في «سبل السلام»(8/301): وَالتَّسْبِيحُ يُطْلَقُ عَلَى جَمِيعِ أَلْفَاظِ الذِّكْرِ، وَيُطْلَقُ عَلَى صَلَاةِ النَّافِلَةِ..
وفيه: أن هذا الذكر(سبحان الله وبحمده) من أسباب الرزق.