تسأل وتقول:
من عاداتنا أننا نقدم الأكل في رمضان ولا نقوم لصلاة المغرب
إلا بعد تناول العَشاء فهل هذا من السنة؟
الجواب
هذا مخالف للسنة،السنة النهوض إلى صلاة المغرب بعد الفطر بلقيماتٍ
يسيرة من تمرٍ أو نحوه.
يقول أَنَسُ
بْنُ مَالِكٍ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ
عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى
تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»رواه أبو داود(2356).
فالذي يَطعم عشاءَه
بعد أذان المغرب مباشرة ليس هذا العمل من السنة، وقد يجره إلى تأخير صلاة المغرب
إلى أن تشتبك النجوم، وهذا منهي عنه.
كما روى أبو داود (418)
عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو
أَيُّوبَ غَازِيًا وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِر يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ فَأَخَّرَ
الْمَغْرِبَ فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو أَيُّوب، فَقَالَ: لَهُ مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ
يَا عُقْبَةُ، فَقَالَ: شُغِلْنَا، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ» - أَوْ
قَالَ: عَلَى الْفِطْرَةِ - مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إِلَى
أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ».
وأما ما ورد أن النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ:«ثَلَاثَةٌ لَيْسَ عَلَيْهِمْ حِسَابٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا
كَانَ حَلَالًا: الصَّائِمُ، وَالْمُتَسَحِّرُ، وَالْمُرابِطُ فِي سَبِيلِ اللهِ
» رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (11/359) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وفيه عَبْدُ
اللهِ بْنُ عِصْمَةَ مجهول، وشيخه أَبو الصَّبَّاحِ رُمي بالوضع.
قال الشيخ الألباني رَحِمَهُ الله في «الضعيفة» (631):
ولعل من آثار هذا الحديث السيئة ما عليه حال المسلمين اليوم، فإنهم إذا جلسوا في
رمضان للإفطار لا يعرف أحدهم أن يقوم عن الطعام إلا قبيل العشاء، لكثرة ما يلتهم
من أنواع الأطعمة والأشربة والفواكه والحلوى!
كيف لا والحديث يقول: إنه من الثلاثة الذين لا
حساب عليهم فيما طعموا! فجمعوا بسبب ذلك بين الإسراف المنهي عنه في الكتاب والسنة،
وبين تأخير صلاة المغرب المنهي عنه في قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزَالُ
أُمَّتِي بِخَيْرٍ» - أَوْ عَلَى الْفِطْرَةِ - مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ
إِلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ».
نعم جاء الحض على تعجيل الفطر أيضًا في أحاديث
كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا
عَجَّلُوا الْفِطْرَ».
فيجب العمل بالحديثين
بصورة لا يلزم منها تعطيل أحدهما من أجل الآخر، وذلك بالمبادرة إلى الإفطار على
لقيمات يسكن بها جوعه ثم يقوم إلى الصلاة، ثم إن شاء عاد إلى الطعام حتى يقضي
حاجته منه.
وقال الشيخ صالح
الفوزان حفظه الله في«الملخص الفقهي»(212):هنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن
بعض الناس قد يجلس على مائدة إفطاره ويتعشى ويترك صلاة المغرب مع الجماعة في
المسجد، فيرتكب بذلك خطأ عظيما، وهو التأخر عن الجماعة في المسجد، ويفوت على نفسه
ثوابا عظيما، ويعرضها للعقوبة، والمشروع للصائم أن يفطر أولاً، ثم يذهب للصلاة، ثم
يتعشى بعد ذلك.