جديد المدونة

جديد الرسائل

الاثنين، 4 يونيو 2018

(60)مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ


           العشر الأواخر من رمضان


·      يستحب الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان

قال سبحانه:﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾.
ذكرالله سبحانه الاعتكاف بعد الصيام، لأن الاعتكاف يشرع في رمضان.
وروى مسلم (1172) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ».
·       الحكمة من الاعتكاف
المرادُ من الاعتكاف التفرغ التام لطاعة الله سبحانه وعبادته.
قال ابن القيم رحمه الله في«زاد المعاد»(2/83):
شَرَعَ لَهُمُ الِاعْتِكَافَ الَّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَجَمْعِيَّتُهُ عَلَيْهِ، وَالْخَلْوَةُ بِهِ، وَالِانْقِطَاعُ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ، وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ ذِكْرُهُ وَحُبُّهُ، وَالْإِقْبَالُ عَلَيْهِ فِي مَحَلِّ هُمُومِ الْقَلْبِ وَخَطَرَاتِهِ، فَيَسْتَوْلِي عَلَيْهِ بَدَلَهَا، وَيَصِيرُ الْهَمُّ كُلُّهُ بِهِ، وَالْخَطَرَاتُ كُلُّهَا بِذِكْرِهِ، وَالتَّفَكُّرُ فِي تَحْصِيلِ مَرَاضِيهِ وَمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ فَيَصِيرُ أُنْسُهُ بِاللَّهِ بَدَلًا عَنْ أُنْسِهِ بِالْخَلْقِ، فَيَعُدُّهُ بِذَلِكَ لِأُنْسِهِ بِهِ يَوْمَ الْوَحْشَةِ فِي الْقُبُورِ حِينَ لَا أَنِيسَ لَهُ، وَلَا مَا يَفْرَحُ بِهِ سِوَاهُ، فَهَذَا مَقْصُودُ الِاعْتِكَافِ الْأَعْظَمِ.
وقال رحمه الله في هذا المرجع نفسه(2/86):عَكْسُ مَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمُعْتَكَفِ مَوْضِعَ عِشْرَةٍ وَمَجْلَبَةٍ لِلزَّائِرِينَ، وَأَخْذِهِمْ بِأَطْرَافِ الْأَحَادِيثِ بَيْنَهُمْ، فَهَذَا لَوْنٌ، وَالِاعْتِكَافُ النَّبَوِيُّ لَوْنٌ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

·        ويستحب الاجتهاد والمجاهدة
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ، أَحْيَا اللَّيْلَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ». رواه البخاري (2024)،ومسلم (1174)واللفظ له .
وروى مسلم (1175)عن عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ».
·       تفاضل الأعمال والأوقات
وقد كان مِنْ حكمة الله سبحانه تفاضل الأعمال والأوقات،
وفضل بعض الأواخر على الأوائل مثل:
العشر الأواخر من رمضان أفضل من أوله ووسطه،ولهذا كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحيي لياليها ويجتهد فيها ما لا يجتهد في غيرها. والأعمال بخواتيمها.
وهكذا آخر الليل أفضل من أوله.
وبعض الناس إذا صلَّى القيام في أول الليل لا يُهِمُّه باقي الليل،مع أن ثلث الليل الأخير أفضل،وفيه ينزل ربنا سبحانه إلى السماء الدنيا،وهو وقتُ الاستغفار.


 ·      ويستحب حث الأهل في  العشر الأخيرة على الطاعة والقيام والاجتهاد.


لِما تقدم في حديث عائشة «وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ».

إن هذه الأيام أيامُ عبادة وطاعة،فمن كان مقصِّرًا فعليه بالرجوع إلى الله والإنابة والمجاهدة في تحقيق التقوى ونيل فضائل هذا الشهر الكريم والفوز به،وهي أيامُ فرصة الله أعلم من تعودُ عليه،فإن الإنسان لا يدري متى يموت كما قال تعالى:{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (34)}.

فاحمدِ الله سبحانه على هذا الخير،وتهيأْ واستعدَّ لدارِ القرار ،وبادر إلى آخرتك وسعادتك،فهي أيامٌ قليلة معدودة كما قال تعالى:﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾وما أسرع ما تنتهي،كأنها طرْفَة عين.والله المستعان.
.