جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 26 مايو 2017

(32) مِنْ أَحْكَامِ الصِّيَامِ

              من بركات صيام شهر رمضان المبارك

يقول الله سُبْحَانَهُ وتَعَالَى في كتابه الكريم: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾ [البقرة:183].
في هذه الآية المباركة نداءٌ من الله عَزَّ وَجَلَّ لعباده المؤمنين، لأنهم المستجيبون، وفيه أيضًا أنَّ الله كتبَ عليهم الصيامَ. 

وفي «الصحيحين»عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ:«بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ».
في بعض الروايات «وَصِومِ رَمَضَانَ، وَالْحَجِّ» وهذه الرواية الأولى اعتمدها البخاري، فقدَّم كتاب الحج على كتابِ الصيام.

والصيام يعتبرُ نعمةً من الله عَزَّ وَجَلَّ على عباده فهو سببٌ للتَّقوى، وهو الذي يقولُ فيه نبيُّنَا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ فيما يرويهِ عن ربِّه كما في «الصحيحين» من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ:«كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» ثم قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ المِسْكِ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ».

فنعمة من الله عَزَّ وَجَلَّ عليك أيها المسلم، وهي أيام معدودات، كما قال عَزَّ وَجَلَّ في كتابه الكريم: ﴿أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة:184]،  أي: قليلة، تُعَدُّ قليلةً بالنسبة إلى السَّنة كلِّها.

الصوم أيضًا يكون سبَبًا لكسرِ الشهوة، كما جاء في «الصحيحين» عن ابن مسعود: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ».

الصوم أيضًا سببٌ لإعانتِك على شيطانِك ففي «الصحيحين»عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ  أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ». أي: أن الشياطين تُغَلُّ ،والمراد: بالشياطين المردة، كما جاء مقيَّدًا في «صحيح ابن خزيمة».

 الصوم أيضًا يكون سبَبًا لكفاراتِ الذنوب، فالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ»، ويَقُولُ أيضًا:« رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ».

معنى «رَغِمَ» أي: التصق أنفُه بالتراب وأصبح ذليلًا حقيْرًا، لأنَّ الصوم ودخول رمضان يعتبر نعمةً ،ويعتبر مغفرةً من الله عَزَّ وَجَلَّ ففي «الصحيحين» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، أنه قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، ومَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ،وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

 نعمة من الله عَزَّ وَجَلَّ ،وكفارات ومغفرة، فخاب وخسِر مَن دخل عليه رمضانُ وهو ساهٍ لَاهٍ ،لا يؤدي حقَّ الله ولا يقوم بصيام رمضان، خيبةٌ وخسارةٌ لذلكم الشخصِ، وما أكثرهم ،فمنَ الناس من يَظهر الشيبُ على لحيتِه وهو لا يصوم رمضانَ.

 وصوم رمضان يعتبر أيضًا صحةً لجسْمِك فانظر إلى حالِك في أول رمضان ،وإلى حالك في آخر رمضان تجدْ بين الوقتَين فرقًا كبيرًا، من الصحة في آخر رمضان ،ومن الفرحِ ومن السرور، نعمةٌ من الله عَزَّ وَجَلَّ.

 النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كما في حديث سَهْلِ بنِ سعد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ في شأن رمضان: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

 الجزاء من جنس العمل أنت [أظمَأْتَ] نفسَك لله، ربك يتقبَّلُك ويكرمك ببابٍ خاص للصائمين، يقال له باب الريان، تدخله وأنت ريان منه ،بعد ما أظمأتَ نفسَك لله عَزَّ وَجَلَّ،  فالجزاء من جنس العمل.

[المرجع شريط /كيف نستقبل رمضان لوالدي رحمه الله.وألفاظ الأحاديث منقولة من مصادرها].