جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 7 مارس 2017

(37) دُرَرٌ مِنَ النَّصَائِحِ

            
                   مفاتيح الخير ومفاتيح الشر

من حسْن توفيق الله للعبد معرفة مفاتيح الخير للتحلِّي بها،ومعرفة مفاتيح الشر لاجتنابها والحذر منها .

قال ابن القيم رحمه الله في«حادي الأرواح»(68):وقد جعل الله سبحانه لكلِّ مطلوب مفتاحًا يُفتَح به ،فجعل مفتاح الصلاة الطُّهور ،ومفتاح الحج الإحرام ،ومفتاح البِرِّ الصدق ،ومفتاح الجنة التوحيد، ومفتاح العلم حسن السؤال حسن الإصغاء، ومفتاح النَّصر والظفر الصبر، ومفتاح المزيد الشُّكر .

ومفتاح الولاية المحبة والذكر ،ومفتاح الفلاح التقوى ،ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة ،ومفتاح الإجابة الدعاء ،ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ،ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عبادَه إلى التفكر فيه، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب ،ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع عبيده ،ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى .

ومفتاح العزِّ طاعة الله ورسوله ،ومفتاح الاستعداد للآخرة قِصَر الأمل، ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة.

ومفتاح كل شر حبُّ الدنيا وطول الأمل.

وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم ،وهو معرفة مفاتيح الخير والشر لا يوفَّقُ لمعرفته ومراعاته إلَّا من عَظُمَ حظُه وتوفيقُه ،فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحا وبابًا يدخل منه إليه .

كما جعل الشرك والكِبْر والإِعراض عمَّا بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحًا للنار، وكما جعل الخمر مفتاح كلِّ إثمٍ، وجعل الغنى مفتاح الزنا .

وجعل إطلاق النظر في الصُّور مفتاح الطلب والعشق، وجعل الكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان، وجعل المعاصي مفتاح الكفر، وجعل الكذب مفتاح النفاق، وجعل الشُّحَ والحرص مفتاح البخل وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حلِّه،وجعل الإِعراض عما جاء به الرسول مفتاح كلِّ بدعة وضلالة.

وهذه الأمور لا يُصَدِّقُ بها إلا كلُّ من له بصيرةٌ صحيحة وعقل يَعرف به ما في نفسِه وما في الوجود من الخير والشر،فينبغي للعبد أن يعتني كلَّ الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جُعلت المفاتيح له .


والله ومن وراء توفيقِه وعدله ،له الملك وله الحمد وله النعمة والفضل لا يسْأل عما يفعل وهم يسْأَلون.اهـ المراد