جديد الرسائل

الأربعاء، 18 مايو 2016

(43)سِلْسِلَةُ التَّوْحِيْدِ وَالعَقِيْدَةِ

                                         إثبات صفة القرب لله عزوجل

قَال اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ[الأعراف:56].
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [الْبَقَرَةِ: 186].
وفي البخاري (4205) ومسلم (2704) عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عن صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، إِنَّكُمْ لاَ تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلاَ غَائِبًا، إِنَّكُمْ تَدْعُونَ سَمِيعًا قَرِيبًا وَهُوَ مَعَكُمْ».
وفي «صحيح البخاري» (7405) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «...وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً...».
وفي صحيح مسلم (1348) عن عَائِشَةَ رضي الله عنها: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِن يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟».
 (وَإِنَّهُ لَيَدْنُو): أي يقرب سبحانه وتعالى.
في هذه الأدلة إثبات صفة القرب لله عَزَّ وَجَلَّ .
وقد ذكر ابن القيم في «بدائع الفوائد»(3/31)فائدة العدول عن التأنيث في قوله: ﴿ إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ ولم يقل: (قريبة) وقال: الإحسان يقتضي قرب الرب من عبده كما أن العبد قَرُب من ربه بالإحسان وأن من تقرب منه شبرا تقرب الله منه ذراعا ومن تقرب منه ذراعا تقرب منه باعا فالرب تبارك وتعالى قريب من المحسنين ورحمته قريبة منهم وقربه يستلزم قرب رحمته .
ففي حذف التاء ههنا تنبيه على هذه الفائدة العظيمة الجليلة وأن الله تعالى قريب من المحسنين وذلك يستلزم القُربين قربه وقرب رحمته ولو قال: إن رحمة الله قريبة من المحسنين، لم يدل على قربه تعالى منهم لأن قربه تعالى أخص من قرب رحمته والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف قربه فإنه لما كان أخص استلزم الأعم وهو قرب رحمته.اهـ.

ومن قرُب من الله بالطاعة والاستقامة قرب الله منه . قال ابنُ القيم رحمه الله في طريق الهجرتين 22:  وأما القرب المذكور في القرآن والسُّنَّة فقرب خاص من عابديه وسائليه وداعيه، وهو من ثمرة التعبد باسمه الباطن  إلى أن قال :فهذا قرب خاص غير قرب الإِحاطة وقرب البُطون.اهـ المراد.
أما قربُ الإحاطة فهذه عامة ومن أسماء الله الظاهر والباطن .
وفي قرب الله سبحانه من عبده المطيع العابد الحصول على كل خير،والفوزبالنجاح .قال ابن القيم رحمه الله في «بدائع الفوائد»(3/31): فكان في بيان قربه سبحانه من المحسنين من التحريض على الإحسان واستدعائه من النفوس وترغيبها فيه غاية حظ وأشرفه وأجله على الإطلاق وهو أفضل إعطاء أعطيه العبد وهو قربه تبارك وتعالى من عبده الذي هو غاية الأماني ونهاية الآمال وقرة العيون وحياة القلوب وسعادة العبد كلها.اهـ المراد.

فينبغي بذل الأسباب التي تُقرِّب من الله عزوجل لنكون من أهل السعادة ومن عباد الله المكرمين.