جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 18 مايو 2016

(17)الإجابةُ عن الأسئلةِ

س- ماحكم من علَّق الحلف بقول إن شاء الله هل يحنث إذا لم يفعل ؟.
ج:روى البخاري (6720) ومسلم  (1654) عن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: <قَالَ سُلَيْمَانُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، كُلٌّ تَلِدُ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ  قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي المَلَكَ  قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَنَسِيَ، فَطَافَ بِهِنَّ, فَلَمْ تَأْتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ بِوَلَدٍ إِلَّا وَاحِدَةٌ بِشِقِّ غُلاَمٍ>, فَقَالَ أَبُوهُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ: قَالَ: <لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لَهُ فِي حَاجَتِهِ>.
يرويه :أي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وعلى هذا الإجماع  إذا كان الاستثناء متصلا, نقله ابن قدامة في «المغني» (7994).
وقال ابن القيم في «شفاء العليل» (1/185): وقد أجمع المسلمون على أن الحالف إذا استثنى في يمينه متصلا بها فقال: لأفعلنّ كذا أو لا أفعله إن شاء الله إنه لا يحنث إذا خالف ما حلف عليه؛ لأن من أصل أهل الإسلام أنه لا يكون شيء إلا بمشيئة الله, فإذا علق الحالف الفعل أو الترك بالمشيئة لم يحنث عند عدم المشيئة, ولا تجب عليه الكفارة. اهـ.
فمتى قال إن شاء الله ،إن شاء فعل ،وإن شاء ترك ولا كفارة عليه .
مثاله :من حلف أن لا يخرج يوم الخميس وقال إن شاء الله ثم خرج ليس عليه كفارة، أو قال والله لا أدخل بيت فلان إن شاء الله ،إذا دخل لا يحنث.
قال ابن قدامة في المغني (7994): فَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَتَى شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ، وَمَتَى لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَشَأ اللَّهُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
قال :فإذا كان الاستثناء غير متصل فإن كان السُّكُوتُ لِانْقِطَاعِ نَفَسِهِ أَوْ صَوْتِهِ، أَوْ عَيٍّ، أَوْ عَارِضٍ، مِنْ عَطْسَةٍ، أَوْ شَيْءٍ غَيْرِهَا، فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَثُبُوتَ حُكْمِهِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ .
قَالَ أَحْمَدُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: «إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ، فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا، فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك» . وَلَمْ يَقُلْ: فَاسْتَثْنِ. وَلَوْ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كُلِّ حَالٍ، لَمْ يَحْنَثْ حَانِثٌ بِهِ. وَعَنْ أَحْمَدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِثْنَاءُ إذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا. قَالَ، فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا. ثُمَّ سَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ». إنَّمَا هُوَ اسْتِثْنَاءٌ بِالْقُرْبِ، وَلَمْ يَخْلِطْ كَلَامَهُ بِغَيْرِهِ.

تنبيه:
قال ابن قدامة في «المغني» (7995): يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ بِلِسَانِهِ، وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْقَلْبِ. فِي قَوْلِ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ؛ مِنْهُمْ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُوثَوْرٍ، وَأَبُوحَنِيفَةَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: <مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ>. وَالْقَوْلُ هُوَ النُّطْقُ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ، فَكَذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ: إنْ كَانَ مَظْلُومًا فَاسْتَثْنَى فِي نَفْسِهِ؛ رَجَوْت أَنْ يَجُوزَ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ.

فَهَذَا فِي حَقِّ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ أَوْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَأَوِّلِ، وَأَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَا اهـ .