استحباب الإكثار من
الصيام في شهرشعبان
أخرج
البخاري (1969) ومسلم (1156) عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها أَنَّهَا
قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ:
لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ,
وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ.
في
هذا الحديث استحباب الإكثار من الصيام في شعبان من غير أن يستكمل صيامه .
وأخرج
الإمام مسلم (746)عن عائشة رضي الله عنها وَلَا
أَعْلَمُ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ
فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا
غَيْرَ رَمَضَانَ .
أما
ما جاء عند الترمذي (736) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ إِلَّا شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ.
فهذا
الحديث صححه الوالد رحمه الله في «جامعه» (1487), وعلَّق عليه في «الحاشية» بقوله:
أي: يصوم أكثر شعبان؛ جمعًا بينه وبين الأحاديث الناهية عن تقدم رمضان بيوم أو يومين.اهـ.
وأما حديث النهي عن
الصيام في شعبان إذا انتصف فهو حديث معل.
وقد أخرجه أبوداود في
سننه (2337)من طريق العلاء بن عبدالرحمن عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ، فَلَا
تَصُومُوا».
وقد أُنكِر على
العلاء بن عبدالرحمن .
قال الحافظ في فتح
الباري(1914): قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ يَجُوزُ الصَّوْمُ
تَطَوُّعًا بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَضَعَّفُوا الْحَدِيثَ الْوَارِدَ فِيهِ
،وَقَالَ أَحْمد وابن مَعِينٍ إِنَّهُ مُنْكَرٌ .وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْبَيْهَقِيُّ
بِحَدِيثِ الْبَابِ -يعني«لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ
أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ
اليَوْمَ»-عَلَى ضَعْفِهِ فَقَالَ الرُّخْصَةُ فِي ذَلِكَ بِمَا هُوَ أَصَحُّ مِنْ
حَدِيثِ الْعَلَاءِ وَكَذَا صَنَعَ قَبْلَهُ الطَّحَاوِيُّ .اهـ.