(السائحون)
قال تعالى {التَّائِبُونَ
الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ}.
أخرج ابن جرير الطبري
في تفسيرهذه الآية (14/503) من طريق الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال:
(السائحون) ، الصائمون.وسنده صحيح .
وجاء
موقوفاً على عبدالله بن مسعود. أخرجه ابن جرير الطبري من طريق سفيان عن عاصم عن زر
عن عبدالله قال: (السائحون) ، الصائمون. وهذا إسنادٌ حسن .عاصم ابن أبي النجود حسن الحديث.
وذكر ابن
الجوزي في «زاد المسير»: أربعة أقوال في السائحين : أحدها: الصائمون، قاله ابن مسعود،
وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة في آخرين.
قال الفراء: ويرى أهل النظر أن الصائم إنما سمي سائحاً
تشبيهاً بالسائح، لأن السائح لا زاد معه, والعرب تقول للفرس إذا كان قائماً لا علف
بين يديه: صائم، وذلك أن له قُوتين، غدوة وعشية، فشُبه به صيام الآدمي لتسحُّره وإفطاره.
والثاني:
أنهم الغزاة، قاله عطاء.
والثالث:
طلاب العلم، قاله عكرمة.
والرابع:
المهاجرون، قاله ابن زيد.
قال ابن القيم في «حادي الأفراح»(ص:85):
(السائحون) فسرت السياحة بالصيام, وفسرت بالسفر في طلب العلم, وفسرت بالجهاد, وفسرت
بدوام الطاعة.
والتحقيق فيها: أنها سياحة القلب في ذكر الله ومحبته والإنابة إليه والشوق
إلى لقائه, ويترتب عليها كل ما ذُكر من الأفعال؛ ولذلك وصف الله سبحانه نساء النبي
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللاتي لو
طلق أزواجه بدَّلَه بهن بأنهن سائحات, وليست سياحتهن جهادًا ولا سفرًا في طلب علم ولا
إدامة صيام, وإنما هي سياحة قلوبهن في محبة الله تعالى وخشيته والإنابة إليه وذِكْرِه.اهـ.