جديد الرسائل

الاثنين، 14 ديسمبر 2015

حُكم خدمة المرأة لزوجها

تابع : سلسلة المسائل النسائية

أخرجَ البخاري ومسلمٌ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (كُنْت أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَخْرُجُ إلَى الصَّلاةِ , وَإِنَّ بُقَعَ الْمَاءِ فِي ثَوْبِهِ) .

وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ (لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرْكاً, فَيُصَلِّي فِيهِ) .

 (كُنْت أَغْسِلُ الْجَنَابَةَ)أي أثر المني .

(بُقَع)قال القاضي في مشارق الأنوار : بِضَم الْبَاء وَفتح الْقَاف أَي 
موَاضعه جمع بقْعَة وأصله لون يُخَالف بعضه بَعْضًا اهـ المراد .

(أَفْرُكُهُ)الفرك الدلك .

وهذا الحديث  يفيد خدمةَ المرأة لزوجها.

وقدأجمع العلماءعلى مشروعيةخدمةالمرأةلزوجها كالطبخ وغسل 

الثياب ونظافة بيته.


واختلفواهل هو واجب أم مستحب .

فمن أهل العلم من ذهب إلى أنه واجب وهذا قول جماعة من أهل 

العلم منهم أبوبكرابن أبي شيبةو أبوإسحاق الجُوزجاني كما في 

المغني لابن قدامة رقم المسألة (5696) وهواختيارشيخ الإسلام 

كمافي مجموع الفتاوى (32/260) وهوقول الشيخ اﻷلباني 

والشيخ الوالد مقبل الوادعي رحمهم الله .

حتَّى إن الوالدَ رحمه الله ناقشني أثناء تدريسي في بلوغ المرام 

لأني قلتُ بالقول الآخر أنه يستحب ولا  يصل إلى الوجوب وسرد 

بعض الأدلة على ذلك مما سيأتي .

وذكرابن القيم في زاد المعاد (5/170) عن أبي ثورأيضا  أنه قالَ : 

عَلَيْهَا أَنْ تَخْدِمَ زَوْجَهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ .

 ودليل الوجوب قول ربناعزوجل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا 

فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ 

قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ 

فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا 

تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء : 34] .


وَإِذَا لَمْ تَخْدِمْهُ الْمَرْأَةُ، بَلْ يَكُونُ هُوَ الْخَادِمَ لَهَا، فَهِيَ الْقَوَّامَةُ عَلَيْهِ.

وقال شيخ الإسلام قَوْلُهُ: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا 

حَفِظَ اللَّهُ} يَقْتَضِي وُجُوبَ طَاعَتِهَا لِزَوْجِهَا مُطْلَقًا: مِنْ خِدْمَةٍ وَسَفَرٍ 

مَعَهُ وَتَمْكِينٍ لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ .

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى 

الله عليه وعلى آله وسلم قال(لوكنت آمراً أحدا أن يسجدﻷحدﻷمرت 

المرأةأن تسجدلزوجها).

وفي صحيح البخاري (3113) ومسلم (2727) عن علي ابن أبي 

طالب رضي الله عنه أَنَّ فَاطِمَةَ رضي الله عنها اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنَ 

الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ، فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ 

بِسَبْيٍ، فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَلَمْ تُوَافِقْهُ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ، فَجَاءَ النَّبِيُّ 

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ، فَأَتَانَا، وَقَدْ دَخَلْنَا 

مَضَاجِعَنَا، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ، فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا» . حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ 

قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي، فَقَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ، إِذَا 

أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، 

وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ» .

والشاهدأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل لها لايجب 

عليك خدمةزوجك .

ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم اتقوا الله في النساء 

فإنما هن عوانٍ عندكم . رواه أحمد والحديث حسن .

وَالْعَانِي: الْأَسِيرُ، وَمَرْتَبَةُ الْأَسِيرِ خِدْمَةُ مَنْ هُوَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا رَيْبَ 

أَنَّ النِّكَاحِ نَوْعٌ مِنَ الرِّقِّ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: النِّكَاحُ رِقٌّ فَلْيَنْظُرْ 

أَحَدُكُمْ عِنْدَ مَنْ يُرِقُّ كَرِيمَتَهُ كما في زاد المعاد(5/171) في سياق 

ذكره لمناقشة الطرفين الموجبين والمستحبين . 

هذه بعض أدلة من قال بالوجوب .

وذهب جمهور العلماء الأئمة الأربعة وهو قول أهل الظاهر إلى أنه 

مستحب لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ إِنَّمَا اقْتَضَى الِاسْتِمْتَاعَ لَا الِاسْتِخْدَامَ وَبَذْلَ 

الْمَنَافِعِ فلايجب الخدمة للزوج.

وأجابوا عن أدلة القول الأول بأنه للاستحباب وتَدُلُّ عَلَى التَّطَوُّعِ 

وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ ومن بابِ ما جرت به العادةُ.

قال ابن قدامة في المغني(وهو من القائلين بعدم الوجوب) الْأَوْلَى 

لَهَا فِعْلُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقِيَامِهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ الْعَادَةُ، وَلَا تَصْلُحُ الْحَالُ إلَّا 

بِهِ، وَلَا تَنْتَظِمُ الْمَعِيشَةُ بِدُونِهِا اهـ.


وبقيام المرأةبخدمة الزوج  تنتظم الحياةوتحصل السعادة .


وقدنظَّم الله عزوجل الحياةالزوجية وأوجب على الرجل النفقة 

والكسوة وما أشبه ذلك .

وأوجب على المرأةالخدمةللزوج فهذا أمرُ الله وعليناالسمع 

والطاعةوأن نقول سمعنا وأطعنا وهذامن حكمةالله سبحانه وتعالى 

تعاون الزوجين في حياتهما والله أعلم وأحكم .


وعلى المرأةالاحتساب في الخدمة لتؤجر وتكتسب حسنات وصدقات .