***********************************
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {السَّلاَمُ
المُؤْمِنُ} [الحشر: 23] .
7381 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ،
حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَنَقُولُ: السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
( إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ
وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ،
السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) .
*************************************
(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ) و هو
أحمد بن عبد الله بن يونس
اليربوعي نسب إلى جده.
(حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ) و هو ابن معاوية
الجعفي.
(حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ) و هو ابن مِقْسَم
(حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ) و هو
أبو وائل، و يفيد الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - في الشرح قال: ( وَشَقِيقُ بْنُ
سَلَمَةَ هُوَ أَبُو وَائِلٍ مَشْهُورٌ
بِكُنْيَتِهِ وَبِاسْمِهِ مَعًا).
الذي يتبادر إلى الذهن أنه مشهور بكنيته
(أبو وائل)لكثرة ذكرهِ
بكنيته في الأسانيد لكن الحافظ ـ رحمه الله تعالى ـ يفيد
أنه مشهور أيضًا باسمه. وهذه فائدة.
(قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) و هو ابن مسعود
بن غافل أبو عبد الرحمن من
حفاظ القرآن المتقنين، و قد أرشد النبي ـ صلى الله عليه
وعلى آله
وسلم ـ إلى أخذ القرآن منه في عدة أحاديث ومنها أن النبي ـ
صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ قال: (مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ
غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ
فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ) سنن ابن ماجة
(138) .
غضًا: بمعنى طريًا.
وقد مر معنا في الشرح ما أخرج البخاري
(3548 ) ومسلم
(2464) عن مَسْرُوقٍ، قَالَ: ذُكِرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو، فَقَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لاَ أَزَالُ
أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «خُذُوا
القُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ
- فَبَدَأَ بِهِ -،
وَسَالِمٍ، مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ
كَعْبٍ» .
عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ كان
خادمًا لرسول الله ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في صحيح البخاري (3742)
من طريق
إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّأْمَ
فَصَلَّيْتُ
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا
صَالِحًا، فَأَتَيْتُ قَوْمًا
فَجَلَسْتُ إِلَيْهِمْ، فَإِذَا شَيْخٌ قَدْ جَاءَ
حَتَّى جَلَسَ إِلَى جَنْبِي، قُلْتُ: مَنْ
هَذَا؟ قَالُوا: أَبُو الدَّرْدَاءِ،
فَقُلْتُ: إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُيَسِّرَ لِي جَلِيسًا
صَالِحًا،
فَيَسَّرَكَ لِي، قَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ، قَالَ:
أَوَلَيْسَ عِنْدَكُمْ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوِسَادِ،
وَالمِطْهَرَةِ،
وَفِيكُمُ الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ، -
يَعْنِي عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوَلَيْسَ
فِيكُمْ صَاحِبُ سِرِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الَّذِي لاَ
يَعْلَمُهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ، ثُمَّ قَالَ: كَيْفَ يَقْرَأُ عَبْدُ اللَّهِ:
وَاللَّيْلِ
إِذَا يَغْشَى؟ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى.
وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى
وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى قَالَ: «وَاللَّهِ لَقَدْ
أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مِنْ فِيهِ إِلَى
فِيَّ» .
وفي رواية للبخاري(6278) (أوَلَيْسَ فِيكُمْ صَاحِبُ السِّوَاكِ
وَالوِسَادِ - يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ )
.
(اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا)
يدعو علقمة بن قيس تلميذ عبدالله
بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن الله ييسر له بجليسصالح؛ لأن
الجليس الصالح نعمة من الله و
سعادة عظيمة؛ و لأن الجليس
الصالح في مجالسته منافع كثيرة.
(فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ) سبحان
الله استجاب اللهُ دعوتَه.
(مَا زَالَ بِي هَؤُلاَءِ حَتَّى كَادُوا
يَسْتَنْزِلُونِي عَنْ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ) يعني أنهم يحفظونالقراءة
المشهورة { وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ
وَالْأُنْثَى}، وأبو الدرداء وكذا عبدالله
بن مسعود سمعا من النبي ـ صلى الله عليهوعلى آله وسلم ـ { و
الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}
و هذه قراءة أخرى .
الشاهد ذكرُ أبي الدرداء ـ رضي الله عنه
ـ عبدالله بن مسعود ـ
رضي الله عنه ـ أنه( صَاحِبُ النَّعْلَيْنِ وَالوِسَادِ،
وَالمِطْهَرَةِ ،
والسواك) أي أنه كان يحملها للنبي ـ صلى الله عليه وعلى آله
وسلم
ويُنظف سواكه .
وفائدة هذا الكلام من أبي الدرداء ـ رضي
الله عنه ـ (أَلَيْسَ فِيكُمْ،
أَوْ مِنْكُمْ) ليحث علقمة ـ رضي الله عنه ـ على الاستفادة
من شيوخ
بلده؛ و هذا شأن المخلصين إرشاد الطلاب إلى الاستفادة من أهل الشأن .
عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ مناقبه
كثيرة وفي صحيح
مسلم (2169) عن ابنِ مسعودٍ قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «إِذْنُكَ عَلَيَّ أَنْ يُرْفَعَ الْحِجَابُ، وَأَنْ تَسْتَمِعَ سِوَادِي، حَتَّى
أَنْهَاكَ» .يعني إذا جئت و الستار مرفوع فادخل من غير استئذان .
و كان عبدالله ـ رضي الله عنه ـ عالمًا
بالتفسير حتى إنه يقول كما
في صحيح البخاري: (وَاللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ،
مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ
مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ،
وَلاَ أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ،
وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ، تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ
لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ) .
فكان الصحابة - رضي الله عنهم - يهتمون
بالتفسير .
وهذاهوالذي ينبغي لمن يطلب العلم ألَّا يكون مجرد حفظ ألفاظ بل
يعتني بالتفسير.
الذين يدرسون العلوم الدنيوية مثل الطب،
و الهندسة يحرصون
على أن يفهموا و يطلبوا الشرح، و من يتعلم كتاب الله عز وجل
أولى
بذلك؛ لأن هذه هي السعادة والفلاح و النجاة .
و كان عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه
ـ دقيقَ الساقين فجاءت
ريح فمالت به فضحِك الصحابة فقال النبي ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم: ( مِمَّ
تَضْحَكُونَ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مِنْ دِقَّةِ سَاقَيْهِ
فَقَالَ وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُمَا أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ أُحُدٍ) مسند أحمد
(3981).
وهذا من الأدلة على أن الجسم يوزن يوم القيامة، و العبرة بالعمل
الصالح وليس
بضخامة الجسم .
عبد الله بنُ مسعود من السابقين في الإسلام وخرج في الهجرة
الثانية
إلى الحبشة .
هذه بعضُ مناقب هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه وعن سائر
صحابة رسول
الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
حديث الباب عن ابنِ مسعود في التشهد متفق عليه.
وهناك طريقة تُرْشِدُ إلى الحديث المتفق عليه يذكرها الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - في آخر
كل كتاب منصحيح البخاري ـ رحمه الله تعالى .
يذكر في آخر كلِّ كتاب أنه اتفق على
إخراج الأحاديث
البخاري ومسلم ثم يقول و انفرد البخاري عن مسلم بكذا، وكذا.
أو يقول شارك مسلمٌ البخاريَّ على
إخراجِها سوى حديث كذا
وكذا ويشير إلى ما
انفرد به البخاري عن مسلم .
وهذه الطريقةُ تسهِّل معرفةَ ما اتفق عليه
الشيخان و ما انفرد به
البخاري عن مسلم .
قوله :(إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ)
فيه دليل على أن السلام من أسماء الله عز
و جل، و في الآية التي ذكرها البخاري ـ رحمه الله تعالى ـ في التبويب
{السَّلاَمُ المُؤْمِنُ} دليلٌ على ذلك .
فهذا الاسم ثابتٌ بالكتاب والسنة.
(إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ) أي أن
اللهَ هو السلام فلا يُقال السلام على الله،
إذ يكون المعنى (الله على الله).
وهذا مُنكَر ، لهذا نهاهم النبي ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ
ولأن السلام متضمن للدعاء
للمُسَلَّمِ عليه ، والله عزوجل يُدْعَى
و لا يُدْعَى له، فهو لا يحتاج
لأحد من خلقه .
فلأجل هذا لا يجوزُ أن يُقال : السلام
على الله .
ينظر شرح ابنِ بطال للبخاري (10/409 )
.
وذكر معنى هذا الشيخُ صالحُ الفوزان حفظه الله في إعانة
المستفيد (2/215)
ثمَّ قالَ : فمن دعا لله فقد تنقّص الله عزّ
وجلّ، وهذا يُخِلُّ بالتّوحيد.
وقد بوَّب الإمامُ النجدي رحمه الله في
كتاب التوحيد (بابٌ لا يقال: السلام على الله ) وذكر حديثَ ابنِ مسعودٍ في الباب .
والسلام يتضمن صفةَ السلامةِ لله عزوجل
من النقص والعيب و
الآفات قال ابنُ القيم رحمه الله في بدائع الفوائد (2/135) :
فهو
سبحانه سلامٌ في ذاته عن كلِّ عيب ونقص يتخيَّله وهم ، وسلامٌ
في صفاته من كل
عيبٍ ونقص ، وسلامٌ في أفعاله من كل عيب
ونقص وشر وظلم وفعل واقع على غير وجه
الحكمة .
قال : وهذا هو
حقيقة التنزيه الذي نزَّه به نفسَه ونزَّهه به رسولُه
فهو السلام من الصاحبة
والولد والسلام من النَّظير والكُفء
والسَّمِيِّ والمماثل والسلام من الشريك .
ولذلك إذا نظرت إلى أفراد صفات كماله وجدتَ كلَّ صفة سلاما
مما يُضاد
كمالَها ثم ذكر أمثلةً كثيرة في صفاتِ اللهوسلامتها من
النقص .
على هذا يكون السلامُ متضمناً لصفة سلبية .
وأيضاً السلامُ يتضمَّن الدعاء للمسلَّمِ عليه بالسلامة من الآفات
والشرِّ في دينه ودنياه وآخرته.
على هذا يكون السلامُ أيضاً متضمن لصفة فعلية .
وقد ذكر هذا الحافظُ ابنُ حجر في فتح الباري في شرح حديث
الباب وقال :
وَقِيلَ السَّلَامُ مَنْ سَلِمَ مِنْ
كُلِّ نَقْصٍ وَبَرِئَ مِنْ كُلِّ
آفَةٍ وَعَيْبٍ فَهِيَ صِفَةٌ سَلْبِيَّةٌ .
قال : وَقِيلَ
مِنْهُ السَّلَامَةُ لِعِبَادِهِ فَهِيَ صِفَةٌ فِعْلِيَّةٌ اهـ المرادُ .
و شُرِع السلامُ عند اللقاء بدلًا عن التحية
المعهودة عند لقاءاتِ
العرب.
فمن تحياتهم عند اللقاء (تعيش ألف سنة ،
أنعِم صباحًا) ومن تحياتهم السجود { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا }[يوسف:100] وما
أشبه ذلك، فجاء الإسلام بهذه التحية العظيمة
عند اللقاء (السلام عليكم ) { تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً
طَيِّبَةً } .
قال ابنُ القيم -رحمه الله تعالى ـ في بدائع الفوائد (2/ 144)
وكانت أولى من جميع تحيات الأمم التي منها ما هو مُحال وكذب
نحو قولهم
تعيش ألف سنة وما هو قاصِرُ المعنى مثل
أنعِم صباحا ومنها ما لا ينبغي إلا لله مثل السجود فكانت التحية
بالسلام أولى من ذلك كله لتضمنها السلامة التي لا حياة
ولا فلاح إلا بها فهي الأصل المقَدَّم على كل شيء .
قال :ومقصود العبد من الحياة إنما يحصلُ بشيئين بسلامته من
الشر وحصول
الخير كله .
والسلامة من الشر مقدَّمة على حصول الخير وهي الأصل ولهذا
إنما يهتمُّ
الإنسانُ بل كل حيوان بسلامته أوَّلا ثم غنيمته
ثانيا .
على أن السلامة المُطْلَقة تتضمن حصولَ الخير فإنه لو فاته حصل له
الهلاكُ والعطْبُ أو النقص والضعف ففواتُ الخير
يمنع حصولَ السلامة المطلقة فتضمنت السلامةُ نجاته من كل شر
وفوزه
بالخير اهـ المراد .
و اختلف أهل العلم في المراد بقول (السلام عليكم)
على قولين:
فمنهم من قال: السلام عليكم دعاء للمسلَّم عليه بالسلامة
.
ومنهم من قال: هذا ذكرٌ لله عز وجل لحديث البابِ
(إن الله هو
السلام ) فهُوَ صريح في كونِ
السلام اسما من أسمائه سبحانه .
وكذا حديث أبي جهم رضي الله عنه
قال: أقبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه؛ فلم يرد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ. حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. أخرجه
البخاري.
وأخرج أحمد (31/381) عن المهاجر بن
قنفذ أنه سلَّم على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ، فلم يرد
عليه، حتى فرغ من وضوئه فردَّ عليه. وقال: <إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني
كرهتُ أن أذكر الله إلا على طهارة>.
قالوا : دلَّ هذا أنَّ السلام ذكرٌ لله وإنما يكون ذكراً إذا تضمَّن
اسما من أسمائه .
يراجع بدائع الفوائد (2/ 142) .
وقد رجَّح ابنُ القيم أنه لفظٌ مشتمل على الأمرين معاً .
قال رحمه الله في بدائع الفوائد (2/ 143) :
وفصلُ الخطاب في هذه المسألة: أن يقال
الحقُّ في مجموع
القولين فلكلٍ منهما بعض الحق، والصوابُ في مجموعِهما
إلى أن قال :
فتضمَّن لفظُ السلام معنيين أحدُهما:
ذكرُ الله كما في حديث ابن
عمر(أي في هذا المعنى في ترك رد السلام على غير
طهارة ) .
والثاني: طلب السلامة وهو
مقصود المسلِّم فقد تضمن سلام عليكم اسما من أسماء الله وطلب السلامة منه .
فتأمل هذه الفائدة .اهـ
وإذا حصل لقاء و بدأ بـ(مسَّاك الله بالخير
،أو صباح الخير ) وما أشبهه ، يقول لنا الوالدُ الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ كأنك ما
سمعت حَيِّه بتحية الإسلام، ثم رُدَّ عليه
.
قلت: وفي صحيح البخاري (3430) عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ: أَنَّ
نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَهُمْ عَنْ لَيْلَةَ
أُسْرِيَ بِهِ " ثُمَّ صَعِدَ
حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ
فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ قِيلَ:
وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ:
مُحَمَّدٌ قِيلَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَلَمَّا
خَلَصْتُ
فَإِذَا يَحْيَى وَعِيسَى وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، قَالَ: هَذَا يَحْيَى وَعِيسَى فَسَلِّمْ عَلَيْهِمَا، فَسَلَّمْتُ فَرَدَّا، ثُمَّ قَالاَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ
الصَّالِحِ
وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ " .
وقد دلَّ هذا الحديث أن التحية بغير السلام يكون بعد السلام .
وفي فتاوى اللجنة الدائمة (24/119) : تحية الإسلام: (السلام عليكم) فإن زاد: (ورحمة الله وبركاته) فهو
أفضل، وإن دعا بعد ذلك من لقيه: (صباح الخير) مثلا فلا حرج عليه، أما أن يقتصر
بالتحية عند اللقاء على: (صباح الخير) دون أن يقول: (السلام عليكم) فقد أساء.
(التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ)
قال ابن رجب في فتح الباري (7/ 327): التحيات: جمع تحيَّة، وفُسرت التحية بالملك، وفسرت بالبقاء والدوام
،وفسرت بالسلامة؛ والمعنى: أن السلامة من الآفات ثابت لله، واجب له
لذاته.
وفسرت بالعظمة، وقيل: إنها تجمع ذلك كله، وما كان بمعناه، وهو أحسَن .اهـ
ولم يذكر
في أوَّلِه (باسم الله ) وقد أخرج النسائي (1175)من طريق أَيْمَنَ وَهُوَ ابْنُ نَابِلٍ، يَقُولُ:
حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا
السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ..
قال الحافظ ابن حجر في
التلخيص الحبير(1/478)رِجَالُهُ ثِقَاتٌ؛ إلَّا أَنَّ أَيْمَنَ بْنَ نَابُلٍ رَاوِيَهُ
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَخْطَأَ فِي إسْنَادِهِ، وَخَالَفَهُ اللَّيْثُ وَهُوَ
مِنْ أَوْثَقِ النَّاسِ فِي أَبِي الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ
عَنْ طَاوُسٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ حَمْزَةُ
الْكِنَانِيُّ: قَوْلُهُ: عَنْ جَابِرٍ خَطَأٌ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ فِي
التَّشَهُّدِ: " بِسْمِ اللَّهِ وَبِاَللَّهِ " إلَّا أَيْمَنَ. وَقَالَ
الدَّارَقُطْنِيُّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ خَالَفَ النَّاسَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ
إلَّا حَدِيثُ التَّشَهُّدِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: فِيهِ ضَعْفٌ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ، فَقَالَ خَطَأٌ، وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا نَعْلَمُ
أَحَدًا تَابَعَهُ وَهُوَ لَا بَأْسَ بِهِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ خَطَأٌ، وَقَالَ
الْبَيْهَقِيّ: هُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَحْسَنُ حَدِيثِ أَبِي
الزُّبَيْرِ مَا ذَكَرَ فِيهِ سَمَاعَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ السَّمَاعَ فِي هَذَا
اهـ .
وهذا ما استفدناه من والدي رحمه الله أنها زيادةٌ شاذة شذ بها أيمن بن
نابل .
(وَالصَّلَوَاتُ) تشمل صلاة الفريضة و النافلة
.
(وَالطَّيِّبَاتُ) ما طاب و حسن من الأقوال
و الأفعال .
(السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ)
الرواية بلفظ الخطاب، وقد قال بعض العلماء:
إنه بعد وفاة النبي ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقال: (السَّلاَمُ عَلَى النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ).
وقد سألت الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ عن هذه
المسألة فقال: نبقى على ظاهر اللفظ كما علَّمنا النبي ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم .
(أَيُّهَا النَّبِيُّ)
أي أيها الرفيع .
وقد تكلَّم أهلُ العلم على الفرق بين النبي والرسول
وأنبِّهُ على قولٍ مشهور وقد عزاهُ القاري في مرقاة المفاتيح إلى
الجمهور: أن النبيَّ إنسانٌ بعثه الله ولم يُؤمَر بالتبليغ .
وهذا قولٌ انتقده عددٌ من كبار العلماء وقد رُدَّ عليه بحديث عبدِالله
بن
عمرو عند مسلم أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آله وَسَلَّمَ،
قال: "
إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ
أُمَّتَهُ عَلَى
خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا
يَعْلَمُهُ لَهُمْ الحديث ..
فيه أن النبي يجب عليه التبليغ .
وقال الشنقيطي في تفسير { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} سورة الْحَجِّ .
قال : هَذِهِ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا اشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ
قال : هَذِهِ تُبَيِّنُ أَنَّ مَا اشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ أَهْلِ الْعِلْمِ
مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ :هُوَ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ وَحْيٌ، وَلَمْ
يُؤْمَرْ بِتَبْلِيغِهِ .
وَأَنَّ الرَّسُولَ :هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِ مَا أُوحِيَ
إِلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ الْآيَةَ ، يَدُلُّ عَلَى أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا مُرْسَلٌ، وَأَنَّهُمَا مَعَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا تَغَايُرٌ ...) اهـ .
وَأَنَّ الرَّسُولَ :هُوَ النَّبِيُّ الَّذِي أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَأُمِرَ بِتَبْلِيغِ مَا أُوحِيَ
إِلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ
رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ الْآيَةَ ، يَدُلُّ عَلَى أَنْ كُلًّا مِنْهُمَا مُرْسَلٌ، وَأَنَّهُمَا مَعَ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا تَغَايُرٌ ...) اهـ .
أيضا من الأدلة على أن النبي مأمور بالتبليغ ما في الصحيحين في قصة
السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا
عذاب يقول النبي صلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه: (ورأيت النبي ومعه
الرجل والرجلان ورأيت النبي وليس معه
أحد)
سماه نبيا وجعل له أتباعاً ، وهذا يعني أنه كَانَ يبلغ .
وعرضتُ هذا القول المشهور على والدي الشيخ مقبل رحمه الله
وأنكرهُ وقال
:كيف لا يُؤمر النبيُّ بالتبليغ ، وآحادُالنَّاسِ مأمورونَ بالتبليغ .
وقال العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (6/ 368) عن
هذا القولِ لطالما أنكرناه في مجالسنا ودروسنا، لأن ذلك يستلزم
جوازَ
كتمان العلم مما لا يليق بالعلماء، بلْه الأنبياء قال تعالى: {إن الذين يكتمون ما
أنزلنا
من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله
ويلعنهم اللاعنون} .
وتكلَّم العلامة الألباني رحمه
الله في الصحيحة (6/ 369) على
الفرق بين النبي والرسول ثم قال :
ويبقى تعريف النبي :
من بُعث لتقرير شرع سابق .
والرسول من بعثه الله بشريعة يدعو الناس إليها، سواء كانت
جديدة أو متقدِّمة.
والله أعلم . اهـ
(وَرَحْمَةُ اللَّهِ)
الرحمة المضافة إلى الله نوعان: الأول رحمة
من إضافة الصفة إلى الموصوف، و منه قوله تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء}[الأعراف:156].
قال ابن القيم رحمه الله في بدائع
الفوائد :وسَعَتُها عمومُ تعلقها
بكل شيء ، كما أنَّ سعةَ علمه تعالى عموم تعلقه
بكلِّ معلوم .
الثاني: رحمة من إضافة المفعول إلى الفاعل، وهذه الرحمة
مخلوقة، و منه ما رواه البخاري(4850) ومسلم (2846) عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،
قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" تَحَاجَّتِ
الجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَقَالَتِ النَّارُ:أُوثِرْتُ بِالْمُتَكَبِّرِينَ
وَالمُتَجَبِّرِينَ، وَقَالَتِ الجَنَّةُ: مَا لِي لاَ يَدْخُلُنِي إِلَّا
ضُعَفَاءُ النَّاسِ
وَسَقَطُهُمْ، قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِلْجَنَّةِ:
أَنْتِ رَحْمَتِي أَرْحَمُ بِكِ مَنْ
أَشَاءُ مِنْ عِبَادِي، وَقَالَ لِلنَّارِ:
إِنَّمَا أَنْتِ عَذَابِي أُعَذِّبُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ
مِنْ عِبَادِي، وَلِكُلِّ
وَاحِدَةٍمِنْهُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا
النَّارُ: فَلاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى
يَضَعَ رِجْلَهُ فَتَقُولُ: قَطْ قَطْ،
فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى
بَعْضٍ، وَلاَ يَظْلِمُاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ خَلْقِهِ
أَحَدًا، وَأَمَّا الجَنَّةُ: فَإِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ لَهَا
خَلْقًا " .
الرحمة هنا مخلوقة وهي الجنة .
وفي الصحيحين البخاري (6000) ومسلم (2753) عن أبي
هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (جَعَلَ
اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ،
فَأَمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَأَنْزَلَ
فِي الأَرْضِ جُزْءًا
وَاحِدًا، فَمِنْ ذَلِكَ الجُزْءِيَتَرَاحَمُ الخَلْقُ، حَتَّى
تَرْفَعَ
الفَرَسُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِهَا، خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ) .
و يُرَاجع بدائع الفوائد لابن القيم ـ رحمه
الله تعالى ـ .
إذن الرحمة المضافة إلى الله عز وجل نوعان:
رحمة من إضافة الصفة إلى الموصوف ، نستفيد منها إثبات صفة الرحمة لله عز و جل. ورحمة
من إضافة المفعول إلى الفاعل، وهذه مخلوقة ليستْ من صفاتِ الله عزوجل .
هناك مسألة وهي قول: (اللهم أدخلني في مستقر
رحمتك) من
أهل العلم من كره ذلك، و بوَّب الإمام البخاري ـ رحمه الله تعالى
ـ في الأدب
المفرد برقم (768 ) ( بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُقَالَ: اللَّهُمَّ
اجْعَلْنِي فِي
مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِكَ ) حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ:
حَدَّثَنِي
أَبُو الْحَارِثِ الْكَرْمَانِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي رَجَاءٍ:
أَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنِي
وَبَيْنَكَ فِي مُسْتَقَرِّ
رَحْمَتِهِ، قَالَ: وَهَلْ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ ذَلِكَ؟
قَالَ: فَمَا مُسْتَقَرُّ رَحْمَتِهِ؟
قَالَ: الْجَنَّةُ، قَالَ: لَمْ تُصِبْ،
قَالَ: فَمَا مُسْتَقَرُّ رَحْمَتِهِ؟ قَالَ: قُلْتُ:
رَبُّ الْعَالَمِينَ .
وقد ردَّ النووي رحمه الله هذا القولَ
وقال في كتابه الأذكار 384
ولا دليلَ له فيما ذكره، فإن مرادَ
القائل بمستقرّ الرحمة: الجنة،
ومعناه: جمعَ بيننا في الجنة التي هي دار القرار
ودار المقامة
ومحل الاستقرار، وإنما يدخلها الداخلون برحمة اللَّهَ تَعالى، ثُمَّ
من دخلَها استقرّ فيها أبداً، وأمِنَ الحوادث والأكدار، وإنما حصل
له ذلك برحمة
الله تعالى، فكأنه يقول: اجمع بيننا في مستقرّ نناله
برحمتك .
وهذا ما اختاره ابن القيم ـ رحمه الله تعالى ـ في بدائع
الفوائد
(2/184) أنه لا يمتنع هذا الدعاء
بوجه ...
(وَبَرَكَاتُهُ) البركة هي ثبوت الخير الإلهي
في الشيء.
(السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ
اللَّهِ الصَّالِحِينَ)
فيه البدء بالنفس عند الدعاء إذا دعا لغيره.
وهذا هو الأفضل إذا دعا لنفسه ودعا لغيره
أن يبدأ بنفسه.
مثلًا يقول: نسأل الله أن يثبتنا
وإياكم، ما يقول (نسأل الله أن
يثبتكم و يثبتنا أجمعين) ولهذا هنا (السَّلاَمُ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ) .
هذا من أدب الدعاء و ليس بحرام و لهذا الحافظ
ابن الصَّلاح ـ رحمه الله تعالى ـ في المقدِّمة قال: (اعْلَمْ - عَلَّمَكَ اللَّهُ
وَإِيَّايَ - أَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَ
أَهْلِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى: صَحِيحٍ، وَحَسَنٍ، وَضَعِيفٍ) .
هذا جائزٌ لكن الأولَى كما تقدم..
وفي صحيح مسلم (2380) عن أبي بن كعب في
قصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام وفيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم
قال : رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى، لَوْلَا أَنَّهُ عَجَّلَ
لَرَأَى الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذَمَامَةٌ، {قَالَ إِنْ
سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ
لَدُنِّي} [الكهف: 76] عُذْرًا وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى الْعَجَبَ ".
قَالَ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ
الْأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا وَعَلَى أَخِي كَذَا،
رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْنَا الحديث .
أما إذا دعا للغير من دون أن يدعو لنفسه
فهذا فيه أدلة النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يقول: (يَرْحَمُ اللَّهَ مُوسَى،
قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ)
متفق عليه عن ابن مسعود .
و سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ رَجُلًا يَقْرَأُ فِي سُورَةٍ بِاللَّيْلِ، فَقَالَ: (يَرْحَمُهُ اللَّهُ
لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً كُنْتُ أُنْسِيتُهَا مِنْ سُورَةِ كَذَا وَكَذَا)رواه
البخاري (5038) عن عائشة رضي اللهُ عنها .
فما فيه إشكال إذا دعا لغيره دون أن يجمع بين
الدعاء لنفسه ولغيره .
(عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ)
العبد الصالح: هو القائم بما يجب عليه من
حقوق الله عز وجل و حقوق عباده .
هذه عبودية خاصة، و العبودية الخاصة تقتضي
التشريف.
وهناك عبودية عامَّة لجميع الخلق، و منه
قوله تعالى: { إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ
عَبْدًا } [مريم:93].
و لقد استفدت من الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه
الله تعالى ـ أن تقسيم العبودية إلى خاصة وخاصة الخاصة تقسيم صوفي.
وهذا التقسيم لا نجده في عبارات المتقدمين
من السلف فنبقى على أنها نوعان عامة وخاصة.
وفي الحديث زيادة، و لكنه هنا مختصر قال:
(فَإِنَّكُمْ إِذَا قُلْتُمْ ذَلِكَ أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لله صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ
وَالأَرْضِ) .
(أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ) .
فيه زيادة في موضعٍ آخر من الصحيحين، (ثُمَّ
لِيَتَخَيَّرْ مِنْ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إليه ) .
استدلَّ بهذا جماعة من العلماء على مشروعية
الدعاء بعد التشهد الأوَّل و لو لم يكن هناك سلام .
و أخرج النسائي (2/238) وأحمد (7/
227)من طريق أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نَقُولُ فِي
كُلِّ رَكْعَتَيْنِ غَيْرَ أَنْ نُسَبِّحَ وَنُكَبِّرَ وَنَحْمَدَ رَبَّنَا،
وَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ فَوَاتِحَ الْخَيْرِ
وَخَوَاتِمَهُ، فَقَالَ: " إِذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ،
فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
وَلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ فَلْيَدْعُ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ " .
وإسناده صحيح وأصله في الصحيحين كما تقدم .
قال الشيخ الألباني في أصل صفة
الصلاة (3/860) قلت:
وظاهر الحديث يدل على مشروعية الدعاء في كل تشهد، ولو
كان
لايليه السلام. وهو قول ابن حزم رحمه الله تعالى
اهـ .
وأيضًا هو قول الوالد الشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ
يقول الوالد في صفة صلاة النبي ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم ـ (بعدها لك أن تدعو ، وَلَكَ أن تقوم) . اهـ
فظاهر الرواية العموم .
أما جمهور العلماء فإنهم يرون ألا يزيد على التشهد
شيئًا إذا كان سيقوم من الركعتين .
قال ابن رجب فتح الباري : في قوله (ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو)
.
قد سبق في رواية للإمام أحمد التصريح بأن هذا الدعاء إنما هو
في
التشهد الأخير خاصةً، فأما التشهد الأول فلا يدعو بعده عند
جمهور العلماء، ولا
يزاد عليه عند أكثرهم، حتى قال الثوري -
في رواية عنه - إن فعل ذلك عمداً بطلت
صلاته.
إلا أن الشافعي - في الجديد - قال: يصلي فيه على النبي - صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحده دون آله.
وقال مالك: يدعى فيه كالتشهد الأخير وروي عن ابن عمر .اهـ
- في قوله (إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ
لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ) فيه أن من سدَّ على الناس بابًا يذكر لهمالبديل إذا وُجِد.
والأدلة في هذا كثيرة منها :
قول النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري .
قول النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِذَا أَتَيْتُمُ الغَائِطَ فَلاَ تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ، وَلاَ تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا) أخرجه البخاري ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري .
وهذا إذا وجِد، و إذا لم يوجد فالواجب
علينا أن نستسلم ما يلزم ذكرُ البديل .
إذا تيسر وجودُ البديل فهذا من الحكمة أن يذكر لهم الداعي إلى الله ذلك
.
وهناكَ امرأة قدَّمت للوالد رحمه اللهُ سُؤالاً يتعلق بأمور الزينة
وقالتْ :إذا كانَ ممنوعاً فما هو البديلُ ؟.
فاستنكرَ هذا وقال: البديلُ قولُ الله تعالى وذكر بعضَ الأدلة .
- في الحديث وجوبُ التشهد الأوسط في الصلاة
إذا جلس في الركعتين ، و هكذا عند كل سلام
لظاهر الأمر (قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ).
ولم يخُصَّ تشهدًا دون تشهد .
وذهب جمهور العلماء إلى أنه لايجب التشهد
في الركعتين الأوليين و لكن يستحب لحديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ
المتفق عليه «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمُ
الظَّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ
النَّاسُ مَعَهُ
حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلاَةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ
كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ
سَلَّمَ» .
ولكن حديث ابن بُحينة يفيد أن
التحيات تسقطُ بالسهو ويُجبَر ذلك بسجودِ السهو .
ونذكر هُنا للفائدة بعضَ الصيغ الأُخْرَى للتشهد غير حديث ابنِ
مسعود
منها : ما أخرجه مسلم (404) من طريق قتادة عن يونس بن جبير عن حِطان بن عبد
الله الرقاشي قال صليت مع أبي موسى الأشعري
الحديث وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا كان عند القعدة فليكن
من أول قول أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله .
وما رواه مسلم (403) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا
يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ فَكَانَ يَقُولُ: «التَّحِيَّاتُ
الْمُبَارَكَاتُ، الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ
أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» .
وقد أجمع العلماءُ على جواز كل واحد منها وممن نقل الإجماع القاضي
أبو الطيب كما في
المجموع(3/420) ط الباز .
وقال ابن رجب في فتح الباري (5/178) وكل ما صح عن النبي - صلى الله
عليه وسلم - من التشهدات ، فإنه يصح الصلاة به ، حكى طائفة الإجماع على ذلك اهـ .
وحديثُ ابن مسعود أصحُّ ماجاء في التشهد.
قال الترمذي في سننه (289) عقب حديث ابن مسعود حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ
قَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَهُوَ أَصَحُّ حَدِيثٍ رُوِيَ عَنْ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي التَّشَهُّدِ وَالْعَمَلُ
عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ
سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ .
وقال الحافظ في فتح الباري(831) ولاخلاف بين أهل الحديث في ذلك وممن جزم به البغوي في شرح السنة .
قلت :نصُّ كلام البغوي في شرح السنة(3/183)قال أهل المعرفة بالحديث أصح
حديث روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في التشهد حديث ابن مسعود
واختاره أكثرأهل العلم .
وقال الشيخ الألباني في أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وعلى آله
وسلم (3/870) هو أصح التشهدات الواردة عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم باتفاق
المحدثين اهـ .
وقد ذهب إلى أنَّ أفضلَ التشهد حديثُ ابنِ مسعود أكثرُ أهل العلم .
واختار الشافعي حديث ابن عباس .
قال الشافعي رحمه الله في الرسالة فقرة 757 وقد أورد على نفسه سؤالاً
كيْف صِرْتَ إلى اختيار حديث ابن عباس عن النبي في التشهد دون غيره ؟
قلتُ : لَمَّا رأيته واسعا
وسمعتُه عن " ابن عباس " صحيحاً كان عندي أجمعَ وأكثرَ لفْظًا مِن
غيْرِه فأخذْتُ به غيرَ مُعَنِّفٍ لِمَن أخذ بغيره مما ثبت عن رسول الله اهـ .
وقال النووي في المجموع (3/420) قال أصحابنا إنما رجح الشافعي
تشهد ابن عباس على تشهد ابن مسعود
لزيادة لفظة المباركات ولأنها موافقة لقول الله تعالي (تحية من عند الله مباركة
طيبة) ولقوله كما يعلمنا
السورة من القرآن ورجحه البيهقي قال بأن النبي صلي الله
عليه وسلم علمه لابن عباس وأقرانه من أحداث الصحابة فيكون متأخرا عن تشهد ابن
مسعود وأضرابه .اهـ
واختار مالكٌ تشهُد عمر بن الخطاب
لأنه علمه الناس على المنبر ولم
ينازعه أحد .يُنظر المدونة (1/269)ونيل
الأوطار (3/254) .
و أثر عمر في الموطأ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ
الزُّبَيْر عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، يُعَلِّمُ النَّاسَ
التَّشَهُّدَ يَقُولُ : قُولُوا : التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ،
الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ
الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
وهذا موقوف وإسناده صحيح .
وقول البُخاري في الآية الكريمة في التبويب {المُؤمِنْ} فيه إثباتُ اسمٍ لله عزوجل وهو المؤمن .
وقول البُخاري في الآية الكريمة في التبويب {المُؤمِنْ} فيه إثباتُ اسمٍ لله عزوجل وهو المؤمن .
ومعنى المؤمن في هذه
الآية قال ابنُ الأثير في النهاية : فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ
تَعَالَى «المُؤْمِن»
هُوَ الَّذِي يَصْدُق عبادَه وعْدَه: فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ:التَّصديق .
أَوْ يُؤَمِّنُهُمْ فِي الْقِيَامَةِ مِنْ
عَذَابِهِ، فَهُوَ مِنَ الأَمَان، والأَمْن ضِدُّ الْخَوْفِ .
وقال القرطبي رحمه الله
في تفسير هذه الآية {المُؤمِنْ} : أَيِ الْمُصَدِّقُ لِرُسُلِهِ
بِإِظْهَارِ مُعْجِزَاتِهِ عَلَيْهِمْ
وَمُصَدِّقُ الْمُؤْمِنِينَ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ مِنَ الثَّوَابِ وَمُصَدِّقُ
الْكَافِرِينَ مَا أَوْعَدَهُمْ مِنَ الْعِقَابِ .
ثُمَّ ذكر بعضَ الأقوالَ الأُخرى .
وبهذا نكتفي .ونسأل اللهَ التوفيق .