جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 1 فبراير 2019

(36)سنينٌ من حياتي مع والديْ وشيخي مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله


             من مسائل العقيدة



-      تفسير الإمام أحمد القَدَرَ


قال لنا والدي رحمه الله في الدرس مخاطبًا لطالبة العلم:
اذكري نُبذَةً في القدر؟


 فكتبتُ جملة من  الأدلة  في الإيمان بالقدر خيره وشره.
وفي بعضِها ذِكْرُ صفة القدرة لله عزوجل،مثل:
{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (20)}[البقرة].


وكحديث أبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي،«اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا.رواه مسلم(1659).



فقال لي والدي:ذكرتِ بعض الأدلة وهي في القُدْرة.

لكن لا بأس بذلك،فالإمام أحمد يقول: القدر قدرة الله.



قلت:قول الإمام أحمد ذكره شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى(8/308)،وتلميذه ابن القيم رحمهما الله.


وعلَّق ابن القيم رحمه الله في«شفاء العليل»(68)عليه وقال:استحسن ابن عقيل هذا الكلام جدا وقال هذا يدل على دقة علم أحمد وتبحره في معرفة أصول الدين.

 وهو كما قال أبو الوفاء-ابن عقيل-: فإن إنكار القدر إنكار لقدرة الرب على خلق أعمال العباد وكتابها وتقديرها ،وسلف القدرية كانوا ينكرون علمه بها ،وهم الذين اتفق سلف الأمة على تكفيرهم.


وقال رحمه الله في«طريق الهجرتين»(92):والقضاءُ والقدر منشؤُه عن علم الرب وقدرته، ولهذا قال الإمام أحمد: القدر قدرة الله، واستحسن ابن عقيل هذا الكلام من أحمد غاية الاستحسان وقال: إنه شفى بهذه الكلمة وأفصح بها عن حقيقة القدر.




-قول:إنه على ما يشاء قدير



مرَّ بي كلامُ بعض أهل العلم إنكار قول:إنه على ما يشاء قدير.
 وأنه يخدم مذهبَ المعتزلة في إنكارهم خلق الله عزوجل أفعال العباد وأنه قادر على ما يشاء،أما الذي لا يشاؤه فهو غير قادر عليه.
 أي:ليست في العموم مثل:{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20)}[البقرة]
فسألت عن ذلكَ والدي رحمه الله؟



جـ:قد جاء في صحيح مسلم:«وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ».


فهذا يدل على أنه لا بأس بمثل هذا القول.


قلت:رقم الحديث عند الإمام مسلم (187) عن ابن مسعود رضي الله عنه في آخر أهل الجنة دخولًا.


وهذا قولُ الشيخ الألباني رحمه الله.

قال رحمه الله في «سلسلة الأحاديث الصحيحة»(تحت رقم2601):  (تنبيه) : دل قوله تعالى-أي في الحديث القدسي- في آخر الحديث:«وَلَكِنِّي عَلَى مَا أَشَاءُ قَادِرٌ أو قدير»على خطأ ما جاء في التعليق على«العقيدة الطحاوية»

 (ص 20) نقلا عن بعض الأفاضل: " يجيء في كلام بعض الناس: وهوعلى ما يشاء قدير، وليس بصواب.. ".


 فأقول: بل هو عين الصواب بعد ثبوت ذلك في هذا الحديث، لاسيما ويشهد له قوله تعالى: {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}[ الشورى: 29]،وذلك لا ينافي عموم مشيئته وقدرته تعالى كما توهَّم المشارُ إليه، والله أعلم.


وذكر رحمه الله كلامًا طويلًا برقم (3129) من هذه السلسلة.

ومما ذكر رحمه الله :أنه بهذا النصِّ مطابق لنص الآية تمام المطابقة:{وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}. لأن المعنى: إذا يشاء ذلك الجمع، قال العلامة الآلوسي في «روح المعاني»:"و (إذا) متعلقة بما قبلها لا بـ (قدير)، لأن المقيّد بالمشيئة جمعُه تعالى، لا قدرته سبحانه ".اهـ