جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 30 يناير 2019

(24) أحاديثُ منتقاةٌ من أحاديثِ البخاري ومسلم




                   من أحاديث الترهيب



عن أبي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي بِالسَّوْطِ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنْ خَلْفِي،«اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، فَلَمْ أَفْهَمِ الصَّوْتَ مِنَ الْغَضَبِ، قَالَ: فَلَمَّا دَنَا مِنِّي إِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا هُوَ يَقُولُ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ»، قَالَ: فَأَلْقَيْتُ السَّوْطَ مِنْ يَدِي، فَقَالَ: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، أَنَّ اللهَ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ»، قَالَ: فَقُلْتُ: لَا أَضْرِبُ مَمْلُوكًا بَعْدَهُ أَبَدًا.رواه مسلم(1659).


وفي رواية لمسلم:فَسَقَطَ مِنْ يَدِي السَّوْطُ مِنْ هَيْبَتِهِ.


وفي رواية أخرى لمسلم:«اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: «أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»، أَوْ «لَمَسَّتْكَ النَّارُ».



--------------------------------

قوله: أبا مسعود، أبا: منادى بحرف نداء محذوف.


في هذا الحديث من الفوائد:


التذكير بالله سبحانه.

وكما قال تعالى:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)}.

وولد آدم يُذَكِّرُ أخاه بربه سبحانه،{لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [المائدة:28].

وقالت مريم رحمها الله لمَّا رأت جبريل عليه الصلاة والسلام في صورة رجل وخافت منه:{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا} [مريم:18].

 وعن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ المَطَرُ، فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ..الحديث وفيه أنه قَالَ أَحَدُهُمْ:اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّي كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ: لاَ تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ، فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتْ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَفُضَّ الخَاتَمَ إِلَّا بِحَقِّهِ، فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا..الحديث رواه البخاري (2215) ومسلم (2743).

ذكَّرتْه بتقوى الله فارتدع وانزجر وانتفع بالتذكير وقام عنها.

وهذا شأن المؤمن أنه ينتفع بالتذكير بالله عز وجل، بخلاف من فسد قلبُه فإنه لا يزيده التذكير إلا بُعدًا.
 قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ (206) }[البقرة] .



 الغضب والشِّدة عند  تغييرالمنكر إذا اقتضت المصلحة ذلك،والأصل هو الرفق.

الرفق بالمماليك.

 ما كان عليه الصحابة من الاستسلام للشرع،فلم يتردد هذا الصحابي الجليل،ولم يجادل.

إثبات صفة القدرة لله عز وجل.

تذكُّرُ قدرة الله سبحانه عند إرادة الظلم ،والحذر من سرعة انتقام الله  وبطشه بالظالم،فمن كان له قدرة وسُلطان على شيءٍ فلا ينتهز الضعف،وليتق الله وليُرفِق.والله الموعد.