جديد المدونة

جديد الرسائل

السبت، 25 أغسطس 2018

(130)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


س: قوله تعالى في سورة النور:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31)}.

وقال سبحانه في سورة الأحزاب:{لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (55)}.



لماذا لم يُذكر العم والخال في هاتين الآيتين؟

جـوابُ والدي: لأنهما يجريان مجرى الوالدين.



كتبته وقيَّدته من/دروس والدي رحمه الله وغفر له.



-----------------

قلت:هذا القول ذهب إليه بعض المفسرين.ونصَّ عليه القرطبي رحمه الله في تفسير سورة الأحزاب وقال:

ذَكَرَ اللَّه تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ الْبُرُوزُ لَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْعَمَّ وَالْخَالَ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرَى الْوَالِدَيْنِ.

 وَقَدْ يُسَمَّى الْعَمُّ أَبًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ}[البقرة: 133]،وَإِسْمَاعِيلُ كَانَ الْعَمَّ.اهـ

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(5248):

فَإِنْ قِيلَ:لَمْ يَذْكُرْ فِي الْآيَةِ-أي آية النور- الْعَمَّ وَالْخَالَ.

 فَالْجَوَابُ أَنَّهُ اسْتَغْنَى عَنْ ذَكَرِهِمَا بِالْإِشَارَةِ إِلَيْهِمَا لِأَنَّ الْعَمَّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْأَبِ وَالْخَالَ مَنْزِلَةَ الْأُمِّ.اهـ



وجاءعَنِ الشَّعْبِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، فِي هَذِهِ:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ}[النور: 31] حَتَّى فَرَغَ مِنْهَا.

 قَالَا:«لَمْ يُذْكَرِ الْعَمُّ وَالْخَالُ لِأَنَّهُمَا يَنْعَتَانِ لِأَبْنَائِهِمَا».

وَقَالَا:«لَا تَضَعُ خِمَارَهَا عِنْدَ الْعَمِّ وَالْخَالِ».

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف(4/13)،وسنده صحيح.

وقد ذكرالحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري(5248)هذا القول عنهما ثم قال:وَخَالَفَهُمَا الْجُمْهُورُ.اهـ



استفدنا مما تقدم:

العمَّ والخال من محارم المرأة.

ذِكْرُ قولَين للمفسرين في عدم  ذكر العم والخال في آيتي النور والأحزاب.

أحدهما:أن العم والخال يجريان مجرى الوالدين فالعم بمنزلة الأب والخال بمنزلة الأم .وقد جاء في القرآن تسمية العم أبًا.

الثاني: لأجل لا يصف العم والخال البنت لأولادهما.

أي: والبنت تحل لابن عمِّها وتحل لابن خالها.

ومن ثَمَّ كره الشعبي وعكرمة للبنت أن تضع خمارها عند عمها وخالها.


وهذا قولٌ ضعيف.روى البخاري رحمه الله (4796)-بعد أن صدَّر الترجمة بآية الأحزاب المتقدمة-عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: اسْتَأْذَنَ عَلَيَّ أَفْلَحُ أَخُو أَبِي القُعَيْسِ بَعْدَمَا أُنْزِلَ الحِجَابُ، فَقُلْتُ: لاَ آذَنُ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ أَخَاهُ أَبَا القُعَيْسِ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَفْلَحَ أَخَا أَبِي القُعَيْسِ اسْتَأْذَنَ فَأَبَيْتُ أَنْ آذَنَ لَهُ حَتَّى أَسْتَأْذِنَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا مَنَعَكِ أَنْ تَأْذَنِي عَمُّكِ؟»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ هُوَ أَرْضَعَنِي، وَلَكِنْ أَرْضَعَتْنِي امْرَأَةُ أَبِي القُعَيْسِ، فَقَالَ: «ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ عَمُّكِ تَرِبَتْ يَمِينُكِ».

قال الحافظ في شرح هذا الحديث: كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ بِإِيرَادِ هَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ كَرِهَ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَضَعَ خِمَارَهَا عِنْدَ عَمِّهَا أَوْ خَالِهَا .ثم ذكرأثر الشعبي وعكرمة.

ثم قال: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ أَفْلَحَ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا ،وَهَذَا مِنْ دَقَائِقِ مَا فِي تراجم البُخَارِيِّ.