جديد الرسائل

الأحد، 8 مايو 2016

(27)الاخْتِيَارَاتُ العِلْمِيَّةُ لوالدي الشيخ مقبل رحمه الله


                     حديث النهي عن صوم يوم السبت

أخرج أبوداود في «سننه» (2421) والترمذي في «سننه» (744) من طريق ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ الصَّمَّاء، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلَّا فِيمَا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ» .
قال أبو داود عقب هذا الحديث: «هَذَا حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ» .
وقَالَ أَبُو دَاوُدَ في «سننه» (2424) قَالَ مَالِكٌ: «هَذَا كَذِبٌ» .
وروى أبو داود في «سننه» (2423) بسند صحيح عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا ذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ «نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ» يَقُولُ ابْنُ شِهَابٍ: هَذَا حَدِيثٌ حِمْصِيٌّ.
قال صاحب «عون المعبود »: يُرِيدُ تَضْعِيفَهُ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بسر راويان حمصيان أَحَدُهُمَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدُ وَثَانِيهِمَا خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ تَكَلَّمَ فِيهِمَا بَعْضٌ وَوَثَّقَهُمَا بَعْضٌ اهـ

هذا الحديث بحثت عن حاله وجمعت طرقه ثم عرضته على والدي الشيخ مقبل رحمه الله.
 فقال :الحديث مضطرب فتكلمت معه عن بعض طرقه وتصحيح بعض من صححه .
فقال :لا ، ومَن مع الذين يصححونه أغلبهم متساهلون في التصحيح كالترمذي وابن حبان والحاكم .
وانتهينا بهذا والله تعالى أعلى وأعلم .

قلت: قال الحافظ ابن حجر في «التلخيص الحبير» (2/ 414 ) بعد أن ذكرأنواعًا من الاختلاف في إسناده: لَكِنَّ هَذَا التَّلَوُّنَ فِي الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ بِالْإِسْنَادِ الْوَاحِدِ مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ، يُوهِنُ رَاوِيَهُ وَيُنْبِئُ بِقِلَّةِ ضَبْطِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحُفَّاظِ الْمُكْثِرِينَ الْمَعْرُوفِينَ بِجَمْعِ طُرُقِ الْحَدِيثِ، فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى قِلَّةِ ضَبْطِهِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَا اهـ
وقال في« بلوغ المرام »:رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ إلَّا أَنَّهُ مُضْطَرِبٌ .اهـ.
وكان  يحيى بن سعيد القطان يتقيه وأبى  أن يحدث به.
ونقل شيخ الإسلام في «اقتضاء الصراط المستقيم» (2/72) كلامًا للإمام أبي عبدالله أحمدبن حنبل نقله عنه الأثرم ثم قال : فهذا الأثرم، فهم من كلام أبي عبد الله أنه توقف عن الأخذ بالحديث-أي حديث الصماء-، وأنه رخص في صومه، حيث ذكر الحديث الذي يحتج به في الكراهة يعني حديث الصماء، وذكر أن الإمام في علل الحديث (يحيى بن سعيد) كان يتقيه، وأبى أن يحدث به، فهذا تضعيف للحديث.
واحتج الأثرم بما دل من النصوص المتواترة، على صوم يوم السبت .
قال شيخ الإسلام : ولا يقال: يحمل النهي على إفراده؛ لأن لفظه: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم». والاستثناء دليل التناول، وهذا يقتضي أن الحديث عمَّ صومُه على كل وجه، وإلا لو أريد إفراده لما دخل الصوم المفروض ليستثنى فإنه لا إفراد فيه، فاستثناؤه دليل على دخول غيره، بخلاف يوم الجمعة، فإنه بين أنه إنما نهى عن إفراده.
وعلى هذا؛ فيكون الحديث: إما شاذ غير محفوظ، وإما منسوخ ، وهذه طريقة قدماء أصحاب أحمد الذين صحبوه كالأثرم، وأبي داود.
وأكثر أهل العلم على عدم الكراهة.

وأما أكثر  أصحابنا ففهموا من كلام أحمد الأخذ بالحديث، وحمله على الإفراد، فإنه سئل عن عين الحكم، فأجاب بالحديث، وجوابه بالحديث  يقتضي اتباعه اهـ المراد.