جديد الرسائل

الأحد، 8 مايو 2016

(1)مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ


  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: <اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ>.
أخرجه أبوداود (1544).والحديث صححه الوالد رحمه الله في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» (1665).
في هذا الدعاء يستعيذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من خمسة أمور لما فيها من الضيق والمتاعب والشِّدة .وهومن جوامع أدعية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(إِنِّي أَعُوذُ بِكَ)الاستعاذة :الالتجاء إلى الله والتحصن به من شر كل ذي شر.
(مِنْ الْفَقْرِ)الفقر: مَأْخُوذٌ مِنْ رُكُوب فِقَار الظَّهْر، وَهُوَ خرزاتُه، الْوَاحِدَةُ: فَقَارَة كما في النهاية .
والفقريشمل فقرَ القلب وفقرَ المال ،وفقرُ القلب أعظم من فقر المال،حتى إن بعض الناس الأموال بين يديه لكنه فقيرُ القلب ،فهذا فقيرٌ وإن كان مليءَ اليد. أخرج البخاري(6446) ومسلم(1051) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْسَ الغِنَى عَنْ كَثْرَةِ العَرَضِ، وَلَكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْسِ». فمن كان غني القلب فهو أغنى الناس ،و من استغنى بالله أغناه الله، والقناعة كنز ،ينبغي التجمُّلُ بها .
وفقر المال فتنة فقد يفضي إلى مدِّ اليد إلى الناس وإلى إراقةِ ماء الوجوه،وهذا ذلة (اليد العليا خير من اليد السفلى)،وقديؤدي إلى الجزع والسخط ،وإلى المكاسب المحرمة ،وقد يكون فيه سبيل للشيطان على العبد،وقد يُثْقِلُهُ الدَّينُ ،وقد يؤدي إلى كفران النِّعَمِ ،والله عزوجل يبتلي بالفقر ويبتلي بالغنى قال تعالى:{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)}.
(وإذا تُصبك خصاصةٌ فتجمَّلِ).
ومن الأدعية النبوية عند النوم ماأخرج مسلم في صحيحه (2713)من حديث أبي هريرة عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحديث وفيه « ..اللهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ». ولا يُخاف من الفقر لأنه من تخويفات الشيطان ومما يأمربه. قال تعالى { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (268)}.
والذي خاف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم علينا منه التنافس في الدنيا، فالرزق مقسوم ،فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.
 (وَالْقِلَّةِ)قلة الأعمال الصالحة ووجوه البِرِّ والخيرات،وقلةالعَدَد والمَدَد قال تعالى:{ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)} أَذِلَّةٌ .أي قليل.
(وَالذِّلَّةِ) ضد العزة . الذلة المذمومة: مثل الجهل فإنه مَذلَّة ومسَبَّة ، والمعصية ذلة, قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ }[المجادلة:20].
والتذلل للمخلوقين كالتذلل للأثرياء والسلاطين وأصحاب الجاه يتعزَّز بالقرب منهم وخدمتهم, فمن أراد العزة بهذا أدخل على نفسه الذلة والصغار.
نسأل الله أن يعزنا ولا يذلنا ،وأن يكرمنا ولا يهِنَّا.
(وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ) فيه الاستعاذة من البغي والعدوان .
الظلم وضع الشيء في غير موضعه .وهو داخل في الأذى المنهي عنه. والمعنى: أعوذ بك أن أكون ظالِمًا أومظلومًا.
وحقوق الآدميين مبنية على المشاحة، فالابتعاد عن الظلم لا لصغير ولا كبير نعمةٌ عظيمة ،{لَا تَظْلِمُونَ وَلَاتُظْلَمُونَ}[البقرة:279].ومن الأدعية عندالخروج ما أخرج أبوداود في سننه (5094) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول: «اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ، أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ، أَوْ أُزَلَّ، أَوْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ، أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ».

قد يفتَنُ الإنسان إذا ظُلِم،وقد لا يصبِر،وقد يفجُر ، وبعض الناس يدعو على نفسه ( اللهم اجعلنا من المظلومين).وهذا من الخطأ ثبت الاستعاذة منه،لأنه يدعو بشيء لا يطيقه ويجرُّ على نفسه الفتن، سلَّمَنا الله.