جديد الرسائل

الخميس، 30 أكتوبر 2025

(56) الآداب

 

                 جرْح اللسان قد لا يلتئم

 

الكلام مثلث الكاف، لكنه يختلف في المعنى، كما قال قطرب في «مثلثته»:

تَيَّمَ قَلْبِي بِالْكَلام * وَفِي الْحَشَا مِنْهُ كِلام * فَصِرْتُ فِي أَرْضٍ كُلام * لِكَيْ أَنَالَ مَطْلَبِي
بِالْفَتْحِ قَوْلٌ يُفْهِمُ * وَالْكَسْرِ جُرْحٌ مُؤْلِمُ * وَالضَّمِّ أَرْضٌ تُبْرِمُ * لِشِدَّةِ التَّصَلُّبِ

فالأول: الكلام، معروف.

والثاني-وهو كسر الكاف-: الجراحات، ومنه جَرْح المشاعر، جرح القلوب، وهذا قد لا يلتئم، كما قيل:

وَقَدْ يُرجىٰ لِجُرحِ السيفِ برءٌ...وَ لا برءٌ لِما جَرَحَ اللسانُ

جِراحات السِّنانِ لها التِئام...  وَ لا يلتامُ ما جَرَحَ اللسانُ

وَجرحُ السيفِ تدملُهُ فَيَبْرىٰ...وَ يبقىٰ الدهرُ ما جَرَحَ اللسانُ

ورحم الله والدي وغفر له عند أن مرَّ بنا حديث أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بَيْنَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ قَالَ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي فِي الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إِلَى جَانِبِ قَصْرٍ فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذَا القَصْرُ؟ فَقَالُوا: لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وَقَالَ: أَعَلَيْكَ أَغَارُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. رواه البخاري (3242)، ومسلم (2395). علق عليه أثناء الدرس وقال: فيه مراعاة شعور أخيك في الله.

والثالث-وهو بضم الكاف-: الأرض الصلبة.

[مقتطف من دروس التحفة السنية لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]