الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
رحم الله
والدي وغفر له لقد كان آمرًا بالمعروف ناهيًا عن المنكر أينما كان ومع كلِّ من
جالس:
فمع كبار السِّن والعوام، من تكلم بشيء أو تصرف بما يخالف الشرع ينكر عليه؛ لأن دعوة أهل السنة شمولية وليست خاصة بالمثقفين، فمثلًا: إحدى
النساء عامية كان عندها شكوى فتكلمت مع والدي،
وقالت: الله ومعه،
فأنكر عليها، وقال:
الله ليس معه أحد، يقول الله تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ
أَحَدًا (18)﴾ [الجن: 18].
ومع الصغير إذا
رأى بذاءة منه أو رأى مخالفة منه ينكر عليه،
هذا كان ديدنه رَحِمَهُ اللهُ، فمثلًا: إذا رأى اللباس طويلًا مسبلًا، يقول: ثوبك
مسبِل، فحتى الصغار يُربَّون على آداب الإسلام
من صغرهم، وما كنا في دماج نُقَمِّصُ أولادنا
أقمصة طويلة، ومن فضل الله ذلك الجو يعين على
التمسك بالسنة، ونسأل الله الثبات أينما كنا.
ومع طلابه ينكر
عليهم، وجلوسه معهم جلوس علم وموعظة وتربية، شأن الربَّانيَّين،
وعلى مستوى الأخطاء وإن لم تكن داخلة في المنكر.
فمثلًا: كان ينكر كثرة السفريات لطالب العلم؛ لأنها تضيع عليه وقته إلا لحاجة، وربما قال لبعض طلبة العلم: ما أحوجك أن تربط في سارية من سواري هذا المسجد! يقول له هذا؛
من أجل أن يتفرغ لطلب العلم.
ومع أهله لقد كنَّا نستقبله عند دخوله البيت فيُتحفُنا بالعلم والمذاكرة والنصيحة، حتى الأشياء المستحبة يأمرنا بها، فمثلًا: مرة
كانت يدي اليمنى مشغولة بشيء فتناولت باليسار،
فقال: باليمين.
وهذا الشيء قد نخطئ فيه إذا كانت اليد اليمنى مشغولة فربما نتناول باليسار.
ومع مشايخه في بعض الاختلافات كان يناصحهم، من أمثلة ذلك:
لما أفتى الشيخ الألباني بجواز الانتخابات في
الجزائر، فذهب والدي من دماج إلى صعدة بنحو
ربع ساعة إلى عشرين دقيقة؛ إذ الطرق ترابية
ليست مزفلتة، فذهب لأنه لم يكن هناك في دماج
هواتف، واتصل بالشيخ الألباني، وقال له: يا شيخ
لماذا أبحتَ لأهل الجزائر الانتخابات؟
فقال له الشيخ الألباني رحمه الله: أنا ما أبحتُهَا،
ولكن من باب ارتكاب أخف الضررين. فدار كلام
بينهما، وكان والدي يقول: ننظر هل حصل في الجزائر أخف الضررين أم حصل أعظم
الضررين؟!
ووالدي
ينكر الانتخابات، وله بعض الأشرطة في ذلك، فالانتخابات جاءتنا من أعداء الإسلام.
ومع أهل البدع ينكر
عليهم، سواء كانوا رافضة أو صوفية أو إخوانية أو
تبليغية أو خوارج...، وكتبه وأشرطته طافحة
بذلك.
ومع الأمراء ينكر
عليهم الاختلاط، والانتخابات، والديمقراطية،
واستيراد قوانين وضعية...، مع تحذيره من
الخروج على الحكام. وقد كانوا يجلونه، حتى إنه ذكر في «الباعث
على شرح الحوادث»(67)كلامًا، وقال: أرسل
إلينا الرئيس علي عبدالله صالح مع الشيخ صالح هندي دغسان وذكر لي كلامًا.
فقلت له: قل
له: إذا كان يرى في بقائي في اليمن فتنة، فأنا مستعد أن آخذ مكتبتي وأرحل عن اليمن، فليس لي في اليمن إلا المكتبة.
فلما رجع إليه الرسول قال الرئيس: أهذا كلام مقبل؟
قال: نعم.
فقال: قل له: يعمل
الذي يريد.