يعقوب بن سفيان الفارسي
رَحِمَهُ الله
قال يعقوب بن سفيان:
كنت في رحلتي في طلب الحديث، فدخلت إلى بعض المدن، فصادفت بها شيخًا احتجت إلى
الإقامة عليه؛ للاستكثار منه، وكانت نفقتي قد قلّت، وقد بعدت عن بلدي ووطني، فكنت
أدمن الكتابة ليلًا، وأقرأ عليه نهارًا، فلمّا كان ذات ليلة كنت جالسا أنسخ في
السراج، وكان شتاء، وقد تصرَّم الليل، فنزل الماء في عينيّ، فلم أبصر السراج، ولا
الكتب، ولا البيت، ولا النسخ الذي كان في يدي، فبكيت على نفسي؛ لانقطاعي عن بلدي،
وعلى ما فاتني من العلم الذي كتبت، وما يفوتني مما كنت عزمت على كتبه. فاشتد بكائي
حتى انثنيت على جنبي، فحملتني عيناي،
فرأيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم في النوم، فناداني: يا يعقوب بن سفيان، لم أنت
كئيب؟ فقلت: يا رسول الله، ذهب بصري، فتحسّرت على ما فاتني من كتب سنَّتك، وعلى
الانقطاع عن بلدي، فقال: ادنُ مني، فدنوت منه، فأمرَّ يده على عينيّ، كأنه يقرأ
عليهما، ثم استيقظت، فأبصرت، وأخذت نسخي، وقعدت في السراج أكتب.
«تاريخ
ابن عساكر»( 74/163 )، وذكره الذهبي في «سير أعلام النبلاء»(13/182).