جديد الرسائل

الأربعاء، 13 أغسطس 2025

(43) مِنْ جَوَامِعِ الأَدْعِيَةِ

 

                                   سؤال الله البركة

 

عن الحَسَنِ بْنِ عَلِيّ بن أبي طالب، قال: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الوِتْرِ: «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ» رواه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، وأحمد (1727)، وهو في «الصحيح المسند» (308) لوالدي رَحِمَهُ الله.

 

هذا الحديث فيه:

سؤال الله البركة فيما أعطى.

 وأن البركة بيد الله.

 وهذا عام فيما أعطاه من الولد والعافية والعلم والفهم والذكاء والمسكن إلى غير ذلك، وكم من إنسان عنده من أنواع النعم الشيء الكثير، ولم ينتفع بها؛ لأنه لم يبارَك له؛ ولهذا لما دعا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ لأنس دعا له بالبركة، روى البخاري (1982 ومسلم (2480) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ، فَأَتَتْهُ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: «أَعِيدُوا سَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ، وَتَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ، فَإِنِّي صَائِمٌ» ثُمَّ قَامَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ، فَصَلَّى غَيْرَ المَكْتُوبَةِ، فَدَعَا لِأُمِّ سُلَيْمٍ وَأَهْلِ بَيْتِهَا، فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي خُوَيْصَّةً، قَالَ: «مَا هِيَ؟»، قَالَتْ: خَادِمُكَ أَنَسٌ، فَمَا تَرَكَ خَيْرَ آخِرَةٍ وَلا دُنْيَا إِلَّا دَعَا لِي بِهِ، قَالَ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْهُ مَالًا وَوَلَدًا، وَبَارِكْ لَهُ فِيهِ»، فَإِنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ الأَنْصَارِ مَالًا.

فلا نغفل عن الدعاء بالبركة، العلم بدون بركة لا ينتفع به صاحبه يكون علمًا غير نافع، الولد بدون بركة لا يُنتفع به، لا يحن على أبويه، ولا يبرهما، ومن أصعب أنواع البر أنه يقوم ببر أبويه بطيبة نفس من غير تثاقل وتضجر، من أصعب أنواع البر أن يكون منشرح الصدر في قيامه بخدمة أبويه..، المال بدون بركة لا يُنتفع به.. إلى غير ذلك.

[مقتطف من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]