جديد الرسائل

السبت، 3 مايو 2025

(36) سلسلة في الطِّبِّ وَالْمَرْضَى

 

                                   الكي

قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وصف السبعين الألف الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: «ولا يكتوون»:

قال الشارح الشيخ سليمان صاحب «تيسير العزيز الحميد»:

 أي: لا يسألون غيرهم أن يكويهم، كما لا يسألون غيرهم أن يرقيهم؛ استسلامًا للقضاء، وتلذذًا بالبلاء.

 استدراك الشيخ عبد الرحمن بن حسن:

والظاهر أن قوله: «لا يكتوون» أعم من أن يَسألوا ذلك، أو يفعل بهم ذلك باختيارهم.

يستدرك الشيخ عبدالرحمن حسن رَحِمَهُ اللهُ على الشارح هذا القول، وأن اللفظ أعم في الكي، سواء طلب من غيره أو كوي باختياره، بخلاف الرقية فقد جاء في الاسترقاء، أما الكي سواء سأل ذلك، أو فُعِل باختياره ولو لم يسأل.

وقوله: (استسلامًا للقضاء) انقيادًا لقضاء الله وقدره.

 (وتلذذًا بالبلاء) كالفقر والمرض.

 وهذا لا يصل إليه إلا ذوو المراتب العالية؛ فإن المصائب جهد وضيق وكرب وألَم؛ فلا يصل إلى التلذذ بها إلا أناس اختصهم الله واختارهم لذلك، ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (68)﴾ [القصص].

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «الفوائد»( 112): وعبوديته فِي قَضَاء المصائب الصَّبْر عَلَيْهَا، ثمَّ الرِّضَا بهَا وَهُوَ أَعلَى مِنْهُ، ثمَّ الشُّكْر عَلَيْهَا وَهُوَ أَعلَى من الرِّضَا. اهـ.

فهذه ثلاث مراتب للعبد عند المصائب: الصبر، ثم الرضا، ثم الشكر.

وقد ذكر ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «طريق الهجرتين»(278) من هذه الأسباب التي تعين على ذلك:

 النظر إلى أجر الصبر على الابتلاء، وأنه يكفر الذنوب، والإيمان بالقدر، ثم قال: فهذه الأسباب ونحوها تثمر الصبر على البلاء؛ فإن قويت أثمرت الرضا والشكر، فنسأل الله أن يسترنا بعافيته ولا يفضحنا بابتلائه، بمنه وكرمه.

 

[مقتطف من دروس فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]