مقتطف من درس 27 من دروس بلوغ المرام
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ، وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ، وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ) هو الحارث بن ربعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
هذا الحديث اشتمل على ثلاثة مناهي:
الأول: «لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ»:
فيه النهي عن مس الذكر باليمين وهو يبول.
ومفهومه يفيد جواز مس الذكر في غير حال البول، فالمنهي عنه في أثناء البول.
وفيه تشريف اليمين.
وذكروا من الآداب أنه يبدأ بالقبل في النظافة قبل الدبر؛ لئلا تتلوث يده.
الثاني: «وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنَ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ»:
فيه النهي عن التمسح من الخلاء باليمين، سواء كان استنجاء أو استجمارًا.
فهذا من أدب قضاء الحاجة أنه يستنجي باليسار، وما كان من باب التكريم يكون باليمين، كما تقدم في حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، فِي تَنَعُّلِهِ، وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ» متفق عليه البخاري (168)، ومسلم (268).
الثالث: «وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ»:
فيه النهي عن التنفس في الإناء.
وهذا من آداب الأطعمة والأشربة، ألَّا يتنفس داخل الإناء، ولكن يتنفس خارجه.
ويستحب أن يكون ذلك ثلاثًا، روى مسلم (2028) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: «إِنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ»، قَالَ أَنَسٌ: «فَأَنَا أَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلَاثًا».
والنهي في هذه الثلاثة الجمل عند جمهور أهل العلم للتنزيه، فهذا مكروه كراهة تنزيه، وعند الظاهرية أن هذا للتحريم.