جديد المدونة

جديد الرسائل

الأربعاء، 13 مارس 2024

(12)مقتطف من دروس بلوغ المرام

 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.

هذا الحديث ضعيف؛ فيه جسرة بنت دجاجة، وهي مجهولة، وقد قال البخاري رَحِمَهُ اللهُ: عندها عجائب.

هذا الحديث استدل به جمهور أهل العلم على أنه لا يجوز مكث الجنب والحائض في المسجد.

 وكذا استدلوا بقوله تَعَالَى: ﴿ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ [النساء: 43]. هذا القول الأول.

وذهب الإمام أحمد وإسحاق إلى أنه يجوز للجنب إذا توضأ المكوث في المسجد لا الحائض، ودليل هذا القول ما رواه سعيد بن منصور في «سننه»(646) عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: رَأَيْتُ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُونَ؛ إِذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلاةِ. والأثر ثابت، وهذا من فعل بعض الصحابة، ولا يدل على الوجوب.

هذا القول الثاني.

القول الثالث:  يجوز مكث الجنب والحائض في المسجد.

 وهذا قول بعض العلماء وذهب إليه داود بن علي الظاهري، والمزني من تلاميذ الإمام الشافعي،  وهو قول ابن حزم في «المحلى»، وهو قول الشيخ الألباني، والشيخ الوادعي، وفي هذا أدلة، منها:

 عن عائشة أن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قال لها وكانت حائضًا: «فْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» رواه البخاري (305)، ومسلم (1211).

 فما منعها النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ من دخول المسجد، ولكن منعها من الطواف بالبيت حتى تطهر، فيستفاد منه اشتراط الطهارة الكبرى في الطواف بالبيت.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَبَا هِرٍّ إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» رواه البخاري (285)، ومسلم (371).

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ-أَوْ شَابًّا-فَفَقَدَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَ عَنْهَا-أَوْ عَنْهُ-فَقَالُوا: مَاتَ، قَالَ: «أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي» قَالَ: فَكَأَنَّهُمْ صَغَّرُوا أَمْرَهَا-أَوْ أَمْرَهُ-فَقَالَ: «دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَدَلُّوهُ، فَصَلَّى عَلَيْهَا» رواه مسلم (956)، والبخاري (1337).

عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: في قصة الوليدة،  قَالَتْ عَائِشَةُ: «فَكَانَ لَهَا خِبَاءٌ فِي المَسْجِدِ - أَوْ حِفْشٌ -» الحديث.  رواه البخاري (439).

والشاهد من هذين الحديثين: أن المعهود عن النساء أنهن يحضن، وهاتان المرأتان ملازمتان للمسجد، الأولى: كانت تقم المسجد وتقوم بنظافته، والثانية: كان لها خباء في المسجد تنام وتبقى فيه.

الدليل الرابع: البقاء على الأصل، وهو عدم المنع.

أما دليل الجمهور فحديث عائشة ضعيف «إِنِّي لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِحَائِضٍ وَلَا جُنُبٍ».

 وأما الجواب عن الآية ﴿ وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ فهذا في الجنب المسافر الذي لا يجد الماء يتيمم، والله أعلم.

 

[مقتطف من 33 من دروس بلوغ المرام لابنة الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله]