هل يُخبر المريض بنوعِ مرضِهِ وخاصة إذا كان شديدًا؟
ليس من سياسة المريض إخباره بنوع مرضِهِ إذا كان فتَّاكًا.
وقد ابتُليتِ امرأة عندنا بمرضٍ خطير غالبًا يكون بسببه الموت، وهو مرض الورْمِ، فأخبرها قريبُها بذلك.
فقال والدي: أخطأ حيث أخبرها، قد يزدادُ مرضُها.
قلت: ولهذا من سياسة الأطباء الحُكماء أنهم لا يُخبرون المريض بذلك، وإنما يخبرون قريبه ومن يتولى شؤونه؛ لأن معنويتَه قد تضعُف وتنهار، فيزادد به المرض، ويصير في حالة سيئة أشد وأكثر.
ويدل لذلك قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً، غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».رواه أبوداود(3855)عن أسامة بن شريك رضي الله عنه.
ففي هذا الحديث تنفيس على المريض ورفع معنوياته، وأنه ألَّا ييأس من شفائه، مهما كان مرضه، فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى « لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً..».
ولكن قد تأتي حالة لا يُستطاع إخفاءُ نوع المرض عن المريض.
ومرض والدي رَحِمَهُ الله مثال واقعي؛ إذ أنه بعد أن تبينت الفحوصات وكشفت عن مرض وفاته، لم يستطع رفقاؤه في السفر الكتمان عنه، وقالوا إلا الشيخ لا نستطيع الإخفاء عنه، وأيضًا يختلف المرضى في الاهتمام بمعرفة مرضهم، وقد كان والدي منتظرًا للخبر، ويسأل بحرص شديد. فلم يكن هناك بُدٌّ من إخباره.
وما الذي حصل لوالدي رَحِمَهُ الله بعد إخباره؟
كان موقفه الثبات والإيمان بالقدر وعدم اليأس من رحمة الله، والحرص على الدعوة إلى الله، وشرح دعوة أهل السنة -لأن كثيرًا من الناس يجهلون فضلها وأنها دعوة رحمة ولين بسبب المنفِّرين عنها-، وتعليم الناس، والإجابة عن أسئلتهم.
حتى إنني كنت أسأله في الهاتف عن صحته؟
فيقول: الحمد لله، بخير، لا أُحصي ثناءً على الله.
ومن هنا نستنج من هذه المسألة:
أن الأمر يحتاج إلى سياسة؛ لأنه يختلف الحال من مريضٍ إلى آخر.
فمن كان عنده قوة إيمان، ويزيده اهتمامًا بطرْقِ أبواب العلاج من دعاءٍ، وحسن تداوٍ، ورجوعٍ إلى الله، ومبادرة إلى بعض أعماله المهمة من تتمة بحوث إذا أمكنه..، فهذا لا يُكتم عنه مرضُه.
ومن كان إذا عَرَف نوع مرضه -وأنه يُسبِّب الموت لكثير- يتحطَّم ويُصاب بالكآبة واليأس والضعف والانهيار، فهذا يُفضَّل كتمان حالة مرضه.
ونسأل الله العافية والثبات.