قاعدة أصولية: الأخذ بالعموم ما لم يرد مخصص
عن أبي سعيد ابن المعلى قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي فَمَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَانِي، فَلَمْ آتِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ ثُمَّ أَتَيْتُهُ، فَقَالَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَأْتِيَ؟ أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ﴾ [الأنفال: 24]» رواه البخاري (4647).
وفي معناه: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أُبَيُّ» وَهُوَ يُصَلِّي، فَالتَفَتَ أُبَيٌّ وَلَمْ يُجِبْهُ، وَصَلَّى أُبَيٌّ فَخَفَّفَ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، مَا مَنَعَكَ يَا أُبَيُّ أَنْ تُجِيبَنِي إِذْ دَعَوْتُكَ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ فِي الصَّلَاةِ، قَالَ: «أَفَلَمْ تَجِدْ فِيمَا أُوحِي إِلَيَّ أَنْ ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: 24]»، قَالَ: بَلَى، وَلَا أَعُودُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» رواه الترمذي(2875)، وهو في «الصحيح المسند»(1424) لوالدي رَحِمَهُ الله.
فيه الأخذ بالعموم، فهذا الحديث دليل للقاعدة المعروفة الأُصولية: الأخذ بالعموم ما لم يرد مخصص، أبو سعيد ابن المعلى وأُبي بن كعبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أخذا بالعموم أن الذي يصلي لا يتكلم، فذكر لهما النبي صلى الله عليه وسلم المخصص ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾، فبين أن هذا الدليل يخصِّص عموم النهي عن الكلام في الصلاة.