جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 28 أغسطس 2022

(42) اختصار درس الفصول من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم

  [مِنَ الخَصَائِصِ النَّبَوِيَّةِ أَنَّهُ مَن رَآهُ فِي المَنَامِ فَقَد رَآهُ حَقًّا]

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي، وَمَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَقَدْ رَآنِي، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ فِي صُورَتِي، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» رواه البخاري (110ومسلم (2266).

وهذا عند أهل العلم إذا رأى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ على صورته الحقيقية.

فإذا قال قائل: رأيت النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ في المنام، فيقال له: صفه، فإذا جاء بالأوصاف المعروفة في كتب الشمائل، فقد رأى النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وتكون هذه بشارة خير له.

وأما إذا وصفه بأوصاف أخرى، فهذا لم يرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ، كأن يقول: رأيته وهو حالق اللحية، أو وهو لابس البنطال، أو أسود اللون ... هذا لم يرَ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

مسألة: من نقل عن النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فِي المَنَامِ فلَا يُعمَلُ بِهِ بالاتفاق؛ كما ذكر هذا الإمام النووي رَحِمَهُ الله في «المجموع» (6/281)، وذكر الحافظ ابن كثير السبب، وقال: (لِعَدَمِ الضَّبطِ فِي رِوَايَةِ الرَّائِي؛ فَإِنَّ المَنَامَ مَحِلٌّ فِيهِ تَضعُفُ فِيهِ الرُّوحُ وَضَبطُهَا. وَاللهُ تَعَالَى أَعلَمُ).

وإذا كان في الرؤيا الحث على فعل عبادة لم يأت بها الدليل، فيضاف بأن الشرع قد كمل، ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة: 3].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرؤيا الصالحة 

الرؤيا الصالحة بشرى من الله سُبحَانَهُ، ولكن لا يُغتر بها، وفي «الآداب الشرعية»(3/453) لابن مفلح: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: أَدْخَلْت إبْرَاهِيمَ الْحُمَيْدِيَّ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ-أحمد بن حنبل- وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا فَقَالَ: إنَّ أُمِّيَ رَأَتْ لَك كَذَا وَكَذَا وَذَكَرَتْ الْجَنَّةَ. فَقَالَ: يَا أَخِي، إنَّ سَهْلَ بْنَ سَلَامَةَ كَانَ النَّاسُ يُخْبِرُونَهُ بِمِثْلِ هَذَا، وَخَرَجَ سَهْلٌ إلَى سَفْكِ الدِّمَاءِ.

 وَقَالَ: الرُّؤْيَا تَسُرُّ الْمُؤْمِنَ وَلَا تَغُرُّهُ. اهـ.

وأصدق الناس رؤيا أصدقهم حديثًا، كما قال النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا...» رواه البخاري(7017ومسلم (2263).

وهذا من ثمار الصدق الحميدة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 [هَل مِنَ الخَصَائِصِ أَنَّهُ لَم يَكُن لَهُ خَائِنَةُ الأَعيُنِ؟]

عدَّ هذا جماعة من أهل العلم من الخصائص النبوية كالحافظ ابن كثير، والنووي في «تهذيب الأسماء واللغات»(1/39قال: وحرم عليه خائنة الأعين، وهى الإيماء برأس أو يد أو غيرهما إلى مباح من قتل أو ضرب أو نحوها، على خلاف ما يظهر ويشعر به الحال. اهـ.

ويدل لهذا قوله تَعَالَى: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (19)﴾ [غافر: 19] على أحد التفاسير.

ويظهر من هذه الآية العموم وأنه ليس من الخصائص، وأنه ينبغي ترك الإيماء بالعين، وإن كان في شيء محرم أو في مخادعة لإنسان بريء، فهذا حرام.

وقد استُشكل على ما تقدم ما ثبت عن عائشة قَالَتْ: الحديث وفيه: وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ، هَلْ يَأْذَنُ لِي فِيهَا. رواه مسلم (2442) واللفظ له، والبخاري (2581).

فهنا تقول عائشة: (وَأَرْقُبُ طَرْفَهُ) أي: طرف عينيه، وقد أجاب عنه النووي رَحِمَهُ اللهُ في «شرح صحيح مسلم» (15/207وقال: اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَلَا أَشَارَ بعينه ولا غيرها، بَلْ لَا يَحِلُّ اعْتِقَادُ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ، وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّهَا انْتَصَرَتْ لِنَفْسِهَا فَلَمْ يَنْهَهَا. اهـ.