متى حرم الكلام في الصلاة
روى أبو داود (924) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ وَنَأْمُرُ بِحَاجَتِنَا، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، فَأَخَذَنِي مَا قَدُمَ وَمَا حَدُثَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَإِنَّ اللَّهَ جَلَّ وَعَزَّ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ»، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ
(فَقَدِمْتُ) أي: قدم من الحبشة إلى مكة.
والحديث حسن؛ من أجل عاصم بن أبي النجود فهو صدوق له أوهام.
وقد كانوا يتكلمون في الصلاة ويرد المصلي السلام نطقًا، ثم حُرِّم، وشُرِع رد السلام للمصلي بالإشارة.
وقد أورد أهل العلم إشكالًا على كون الكلام في الصلاة حُرِّم بمكة أن بعضهم بالمدينة كانوا يتحدثون في الصلاة فأنزل الله تحريم ذلك، فقد قال زيد بن أرقم، قال: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ ﴿وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾[البقرة: 238]، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ. رواه البخاري (1200)، ومسلم (539) واللفظ له. وسورة البقرة مدنية.
وقد أجاب أهل العلم عن حديث زيد بن أرقم بجوابين، أحدهما: أن النهي كان بمكة، ثم أذن فيه، ثم نهى عنه بالمدينة.
والثاني: أن هذا الذي ذكره زيد بن أرقم في حق من لم يبلغهم النهي عن الكلام في الصلاة، فكانوا يتكلمون، فأنزل الله عَزَّ وَجَل الآية.
وقد ذكر هذا المعنى ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ في «زاد المعاد»(3/23).
وتكلم على المسألة والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ اللهُ في «الصحيح المسند من أسباب النزول»، واستظهر الجواب الثاني، والله أعلم.