تسأل إحدى إخواتي في الله:
هل ثبت حديث أنس رضي الله عنه «من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له أجر حجة وعمرة تامة تامة».
فإن صح فهل تنال المرأة هذه الفضيلة إن صلت في بيتها منفردة، أم يلزم أن تصلي الفجر في جماعة.
وهل يلزم مكثها في مصلاها نرجو الإجابة وخاصة أننا في شهر رمضان المبارك ينبغي أن نتنافس في الخير؟
الجواب: هذا الحديث كتبت عن والدي الشيخ مقبل رَحِمَهُ الله:
ضعيف، أخرجه الترمذي، وذكر له الهيثمي في «مجمع الزوائد» والمنذري في «الترغيب والترهيب» بعض الطرق.
والذي يظهر لي أنه لا يرتقي للحجية، ومن صححه لا ينكر عليه. اهـ كلام والدي.
وفي إسناد الترمذي: أبو ظِلال الراوي للحديث عن أنس بن مالك. قال يحيى بْن مَعِين: أَبُو ظلال اسمه هلال ليس بشيءٍ. وقَال البُخارِيُّ: مقارب الحديث، وَقَال النَّسَائي: ضعيف. وَقَال فِي موضع آخر: ليس بثقة. اهـ من «تهذيب الكمال».
والحديث ذكره الشيخ الألباني في «الصحيحة»(3403)، وذكر له بعض الطرق والشواهد.
وقد ثبت من فِعْلِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان يمكث في مصلاه بعد صلاة الفجر يذكر الله حتى تطلعَ الشمس، كما روى مسلم (670) من طريق سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ: أَكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ كَثِيرًا، «كَانَ لَا يَقُومُ مِنْ مُصَلَّاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الصُّبْحَ، أَوِ الْغَدَاةَ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ فَيَأْخُذُونَ فِي أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ».
وهاتان الركعتان هي صلاة الضحى، فلو أحب أن يزيد ما شاء الله من الصلاة فعل.
أما الفقرة الثانية: فإن صح فهل تنال المرأة هذه الفضيلة إن صلت في بيتها منفردة، أم يلزم أن تصلي الفجر في جماعة؟
فهذا السؤال قُدِّم للشيخ ابن باز رَحِمَهُ الله هل هذا الفضل يكون للنساء أيضا إذا صلين في بيوتهن؟ وهل يشترط لهذا الفضل أن تكون الصلاة في جماعة؟ أي هل يكون للمرأة إذا صلت في بيتها وحدها غير جماعة وقعدت تذكر الله حتى تطلع الشمس ذلك الفضل؟ وجهونا جزاكم الله خيرًا.
فأجاب الشيخ رَحِمَهُ الله: نعم يرجى لها ذلك، يرجى لها هذا الفضل العظيم، أما الصلاة المذكورة فتكون بعد أن تطلع الشمس، أي عند ارتفاع الشمس قدر رمح، أي: بعد ربع ساعة أو نحوها من مطلع الشمس. « فتاوى نور على الدرب»(9/79) لابن باز.
وقال رَحِمَهُ الله وغفر له في «فتاوى نور على الدرب»(10/437): نرجو للنساء كذلك، إذا جلست بعد صلاتها في مصلاها تذكر الله، تقرأ القرآن، تدعو، ثم صلت ركعتين بعد ارتفاع الشمس يرجى لها هذا الخير العظيم، النساء كالرجال، ما ورد في حق الرجال يعم النساء، وما ورد في حق النساء يعم الرجال إلا بدليل يخص أحد الصنفين، وإلا فالأصل العموم؛ لأنهم كلهم مكلفون وكلهم مشتركون في الأوامر والنواهي، فما ثبت من تحريم أو تحليل أو وجوب أو فضل فهو يعم الجميع إلا ما خصه الدليل.
وأما هذا الجزء من السؤال هل يلزم مكثها في مصلاها؟
فالأفضل البقاء في مكان الصلاة كما يدل له ظاهر الدليل المتقدم.
لكن لو تقدمتِ أو تأخرتِ للحاجة أو لفتح الباب ونحو ذلكَ فيُرجى أنه لا يؤثِّر.
وقد سُئِلَ الشيخ ابن باز عن: امرأة تجلس في انتظار دخول الوقت التالي تسبح وتهلل وتصلي ما شاء الله لها، هل ينقص أجرها إذا قامت من مكانها لغرض ما كفتح الباب أو رد على التليفون أو غير ذلك؟
فأجاب رَحِمَهُ الله: لا يضر إن شاء الله سواء تفتح الباب أو رد التليفون، هي على خير عظيم. « فتاوى نور على الدرب»(10/438).
وسُئِلَ رَحِمَهُ الله عن: الذي يغير المكان في المسجد في مكان أكثر راحة وهدوءًا هل يُحجب عن هذا الفضل؟
فأجاب: الظاهر أنه لا يحجب؛ لأن المسجد كله مصلى، فإذا انتقل من مكان إلى مكان؛ ليستند على عمود أو غيره، أو لأنه أريح وأبعد عن هؤلاء القراء حتى لا يشوش عليهم كلُّه لا بأس، يحصل له الفضل إن شاء الله. « فتاوى نور على الدرب»(10/390).