[سورة المؤمنون (23) : الآيات 12 إلى 16]
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾إلى قوله: ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ (16)﴾
﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ﴾ هُوَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَلَقَهُ اللَّهُ من طين. وقال تَعَالَى: ﴿مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ﴾. والصلصال: الطين اليابس.
والحَمْأَةُ والحَمَأُ كما في « المفردات في غريب القرآن»(259) للراغب: طين أسود منتن.
مسنون: أي: متغيِّر، وقوله سبحانه: ﴿لم يتسنه﴾ أي: لم يتغير.
﴿ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ﴾ ذكر ابن كثير بعض الأقوال في تفسير هذه الآية، واستظهر قول قتادة أنه اسْتُلَّ آدَمُ مِنَ الطِّينِ، وقال: وَهَذَا أَظْهَرُ فِي الْمَعْنَى وَأَقْرَبُ إِلَى السِّيَاقِ؛ فَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ خُلِقَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ، «وَهُوَ الصَّلْصَالُ مِنَ الْحَمَأِ الْمَسْنُونِ، وَذَلِكَ مَخْلُوقٌ مِنَ التُّرَابِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ [الرُّومِ: 20]».
ومعنى ﴿لَازِبٍ﴾ أي لازم، إذا وضعت اليد فيه تعلق بها التراب.
وقد خلق الله أبانا آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، روى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ مِنْ قَبْضَةٍ قَبَضَهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ، فَجَاءَ بَنُو آدَمَ عَلَى قَدْرِ الْأَرْضِ، جَاءَ منهم الأحمر والأبيض والأسود وَبَيْنَ ذَلِكَ، وَالْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَبَيْنَ ذَلِكَ».
الحديث صححه والدي الشيخ مقبل في «الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين» (423)، والشيخ الألباني رحمهما الله في «الصحيحة» (1630).
نستفيد من هذا الحديث: أن الله خلق آدم من جميع الأرض لا من بعضها، والله على كل شيء قدير.
وفيه ذكر السبب في تنوع بني آدم في ألوانهم، وخبثهم، وطيبهم؛ لأن الله خلق آدم من جميع الأرض، وفي الأرض الألوان المختلفة والسهل والحزن والخبيث والطيب، فجاء بنو آدم كذلك.
الحزن: الصعب، وفي دعاء النبي ﷺ «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا».
﴿ ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ﴾ قال ابن كثير : هَذَا الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى جِنْسِ الْإِنْسَانِ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ﴾ [السَّجْدَةِ: 7- 8] أَيْ: ضَعِيفٍ. كَمَا قَالَ: ﴿ أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ﴾ يَعْنِي: الرَّحِمُ مُعَدٌّ لِذَلِكَ مُهَيَّأٌ لَهُ ﴿ إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ﴾ [الْمُرْسَلَاتِ: 20- 21] أَيْ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَأَجَلٍ مُعَيَّنٍ حَتَّى اسْتَحْكَمَ وَتَنَقَّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَصِفَةٍ إِلَى صِفَةٍ، وَلِهَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً﴾ أي ثم صبرنا ﴿النُّطْفَةَ﴾، وَهِيَ الْمَاءُ الدَّافِقُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَهُوَ ظَهْرُهُ، وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ عظام صدرها ما بين الترقوة إلى الثندوة ، فَصَارَتْ عَلَقَةً حَمْرَاءَ عَلَى شَكْلِ الْعَلَقَةِ مُسْتَطِيلَةً.
الثندوة: ثُنْدُوَة الثَّدْي، هِيَ رأسُه. كما في «النهاية»(1/ 208).
والترقوة: قال الله سبحانه: ﴿ كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26)﴾[القيامة:26] الترقوة: العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
أما قوله تَعَالَى: ﴿وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ﴾ هذا الأصل، وهو أبونا آدم، وهو الذي خلق الله من سلالة من طين، وكما قال تَعَالَى: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)﴾[آل عمران:59 ].
وقوله: (وَهِيَ الْمَاءُ الدَّافِقُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ صُلْبِ الرَّجُلِ وَهُوَ ظَهْرُهُ، وَتَرَائِبِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ عظام صدرها ما بين الترقوة إلى الثندوة) هذا تفسير الصلب والترائب في قوله عز وجل ﴿ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (7)﴾[الطارق:6 - 7].
﴿فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً ﴾وَهِيَ قِطْعَةٌ كَالْبَضْعَةِ مِنَ اللَّحْمِ لَا شَكْلَ فِيهَا وَلَا تَخْطِيطَ، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظامًا. يَعْنِي: شَكَّلْنَاهَا ذَاتَ رَأْسٍ وَيَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ بِعِظَامِهَا وَعَصَبِهَا وَعُرُوقِهَا.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهُوَ عَظْمُ الصُّلْبِ، وَفِي صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ جَسَدِ ابْنِ آدَمَ يَبْلَى إِلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَمِنْهُ يُرَكَّبُ»
﴿ فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْمًا ﴾ أَيْ: وَجَعَلْنَا عَلَى ذَلِكَ مَا يَسْتُرُهُ وَيَشُدُّهُ وَيُقَوِّيهِ، ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقًا آخَرَ أَيْ: ثُمَّ نَفَخْنَا فِيهِ الرُّوحَ فَتَحَرَّكَ وَصَارَ خَلْقًا آخَرَ ذَا سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَإِدْرَاكٍ وَحَرَكَةٍ وَاضْطِرَابٍ ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ﴾.
﴿ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ﴾ فيه تفسيران:
· أحدهما: نفخ الروح فيه، وهذا قول جمهور المفسرين، واختاره ابن جرير.
· الثاني : المراد تنقله مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ إِلَى أَنْ خَرَجَ طِفْلًا ثُمَّ نَشَأَ صَغِيرًا، ثُمَّ احْتَلَمَ ثُمَّ صَارَ شَابًّا، ثُمَّ كَهْلًا ثُمَّ شَيْخًا ثُمَّ هَرِمًا. وهذا عُزي إلى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ وَالضَّحَّاكِ، وقد جمع بين ذلك الحافظ ابن كثير، وقال: وَلَا مُنَافَاةَ؛ فَإِنَّهُ مِنَ ابْتِدَاءِ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ شَرَعَ فِي هَذِهِ التَّنَقُّلَاتِ وَالْأَحْوَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ﴾ يَعْنِي: حِينَ ذَكَرَ قُدْرَتَهُ وَلُطْفَهُ فِي خَلْقِ هَذِهِ النُّطْفَةِ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَشَكْلٍ إِلَى شَكْلٍ، حَتَّى تَصَوَّرَتْ إِلَى مَا صَارَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْإِنْسَانِ السَّوِيِّ الْكَامِلِ الْخَلْقِ، قَالَ: ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ﴾.
وجاء حديث عن عمر قال: وَافَقْتُ رَبِّي وَوَافَقَنِي فِي أَرْبَعٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآية ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾ الْآيَةَ، قُلْتُ أَنَا ﴿فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾، فَنَزَلَتْ ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ﴾ . هذا سنده ضعيف، فيه علي زيد بن جدعان ضعيف.
وجاء حديث آخر عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيِّ قال: أملى على رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ- إِلَى قَوْلِهِ- خَلْقاً آخَرَ فَقَالَ مُعَاذٌ ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ﴾ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُ معاذ: مم تضحك يا رسول الله؟ فقال: «بها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين». فيه جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ جدًّا، وكان يؤمن بالرجعة، أي: أن عليًا يرجع إلى الدنيا.
قال الحافظ ابن كثير: في إسناده جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ الجُعْفِيُّ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَفِي خَبَرِهِ هَذَا نَكَارَةٌ شَدِيدَةٌ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ إِنَّمَا كَتَبَ الْوَحْيَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَذَلِكَ إِسْلَامُ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ إِنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ أَيْضًا، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ يَعْنِي: بَعْدَ هَذِهِ النَّشْأَةِ الْأُولَى مِنَ الْعَدَمِ تَصِيرُونَ إِلَى الْمَوْتِ.
﴿ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾ يَعْنِي: النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ﴿ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ﴾ يعني يوم المعاد. وقيام الأرواح إلى الأجساد، فَيُحَاسِبُ الْخَلَائِقَ، وَيُوَفِّي كُلَّ عَامِلٍ عَمَلَهُ إِنْ خيرا فخير وإن شرا فشر.
من الفوائد:
· أن الله سبحانه وتعالى خلق أبانا آدم ﴿ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ﴾، والتراب الذي خلق الله منه آدم على مراحل، فأولًا كان ترابًا ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)﴾[الروم:20]، ثم صار هذا التراب طينًا﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ﴾[المؤمنون:12 ]، ثم صار الطين لازبًا يلتصق بيد من لمسه، قال سبحانه:﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11) ﴾[الصافات:11 ]، ثم صار الطين أسود متغير الريح، ثم يبس الطين فصار صلصالًا كالفخار، قال تعالى ﴿ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) ﴾[الرحمن:14 ] وبهذا يجمع بين الأدلة أن التراب تقلب أطوارًا: (التراب، الطين، الحمأ المسنون، الصلصال).
وقد ذكر القرطبي وغيره هذا في الجمع بين الأدلة، ونص كلام القرطبي في «تفسيره» في الجمع بين الأدلة: وَذَلِكَ مُتَّفَقُ الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ فَعَجَنَهُ فَصَارَ طِينًا، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ كَالْحَمَإِ الْمَسْنُونِ، ثُمَّ انْتَقَلَ فَصَارَ صَلْصَالًا كَالْفَخَّارِ. ا ه.
وقال أبو إسحاق الزجاج في « معاني القرآن»(5/98): أعلم اللَّه عزَّ وجلَّ أنه خلق آدم من تراب جُعِلَ طينًا، ثم انتقل فصار كالْحمَأ، ثم انتقل فصار صَلْصَالًا كالْفَخار، والصلصال اليابس، فهذا كله أصله التراب وليس فيه شيء ينقض بعضه بعضًا، وإنما شرحنا هذا لأن قومًا من الملحدين يسألون عن مثل هذا؛ ليُلْبِسُوا على الضعفة، فأعلم اللَّه عزَّ وجلَّ من أي شيء خلق أبا الإنس جميعًا آدم عليه السلام.
· ونستفيد مراحل خلق ابن آدم، فالله عز وجل خلقه على مراحل ﴿ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) ﴾[نوح:14 ]، فأول مرحلة أنه يكون نطفة كما في الآيات السابقة.
ثم يكون علقة، ثم يكون مضغة ثم يكون هذه المضغة –وهي: عبارة عن قطعة صغيرة من اللحم- يجعلها الله سبحانه عظامًا، ويستر العظام باللحم، وينفخ فيه الروح ﴿فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ﴾.
ودل على هذه الأطوار حديث ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ: " أَنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَهُ، ثُمَّ يُبْعَثُ إِلَيْهِ المَلَكُ فَيُؤْذَنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ، فَيَكْتُبُ: رِزْقَهُ، وَأَجَلَهُ، وَعَمَلَهُ، وَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، ثُمَّ يَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى لاَ يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلُ النَّارَ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ فَيَدْخُلُهَا » رواه البخاري ومسلم.
· ونستفيد الإيمان بقدرة الله التامة، فالذي قدر على خلق ابن آدم من ماء مهين، قادر على البعث والنشور ﴿ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40) ﴾[القيامة: 37 - 40 ]، وقال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)﴾[الروم:27] وقال سبحانه: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) ﴾[يس:79].
· ونستفيد ضعف ابن آدم وأنه خلق من ماء مهين، فلا يليق به أن يتكبر أويفتخر ويظلم أو يعاند الحق، والله أعلم .