ذِكْرُ السَّبَبِ للطفل منعًا أو حَثًّا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤْتَى بِالتَّمْرِ عِنْدَ صِرَامِ النَّخْلِ، فَيَجِيءُ هَذَا بِتَمْرِهِ، وَهَذَا مِنْ تَمْرِهِ، حَتَّى يَصِيرَ عِنْدَهُ كَوْمًا مِنْ تَمْرٍ، فَجَعَلَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ يَلْعَبَانِ بِذَلِكَ التَّمْرِ، فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا تَمْرَةً فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ & فَأَخْرَجَهَا مِنْ فِيهِ، فَقَالَ: <أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْكُلُونَ الصَّدَقَةَ>.
أَخرَجَهُ البخاري (1485)، ومُسلِمٌ (1069).
ويستفاد من هذا الحديث:
-تربية الطفل ومنعه عن الحرام، وإن لم يكن مكلَّفًا؛ ليتدرَّب على الخير وترك المعصية.
قال القرطبي في « المفهم»(3/123): في هذا الحديث ما يدل على أن الصغار يمنعون مما يحرم على الكبار المكلَّفين، حتى يُتدرَّبوا على آداب الشريعة، ويتأدبوا بها ويعتادوها. وعلى هذا فلا يلبس الذكور الصغار الحرير، ولا يحلون الذهب، ويخاطب الأولياء بأن يجنبوهم ذلك، كما يخاطبون بأن يجنبوهم شرب الخمور وأكل ما لا يحل.
-وفِيهِ كما قال الحافظ في «فتح الباري» تحت رقم(1491): الْإِعْلَامُ بِسَبَبِ النَّهْيِ، وَمُخَاطَبَةِ مَنْ لَا يُمَيِّزُ لِقَصْدِ إِسْمَاعِ مَنْ يُمَيِّزُ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ إِذْ ذَاكَ كَانَ طِفْلًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَمَا عَلِمْتَ، فَهُوَ شَيْءٌ يُقَالُ عِنْدَ الْأَمْرِ الْوَاضِحِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ عَالِمًا، أَيْ: كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْكَ هَذَا مَعَ ظُهُورِهِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الزَّجْرِ مِنْ قَوْلِهِ: لَا تَفْعَلْ.