من فوائد الذكر
قال تَعَالَى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾[البقرة: 152].
هذه الآية من أدلة الحث على ذكر الله سُبحَانَهُ، ومن أدلة الجزاء من جنس العمل، وهذا كما ثبت في قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه: «من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم»، ومن وفى بأمر الله وقام بطاعته كان الله له ووفَّى له، قال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ﴾ [البقرة: 40]، بل يعطي سبحانه أكثر وأوفر؛ فإن الحسنة بعشر أمثالها، ويضاعف الله لمن يشاء.
ذكر الله سبب الفلاح في الدنيا والآخرة، قال الله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) ﴾ [الأعلى: 14-15].
ذكر الله داخل في مكفرات الذنوب؛ لأنه حسنة من الحسنات، قال لله عَزَّ وَجَل: ﴿ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ (114) ﴾ [هود: 114].
وهو حصن من الشيطان، وطمأنينة وأنس وراحة: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28)﴾ [الرعد: 28].
والبيوت التي لا يذكر الله فيها من صلاة وقراءة القرآن ودعاء وتسبيح وتحميد وتكبير وتهليل إلى آخره بيوت مظلمة موحشة، لا أُنْسَ فيها، وتقرُب منها الشياطين؛ لأن الشيطان يفرُّ من ذكر الله عَزَّ وَجَل.
ومن نسي ذكر الله نسيه، بمعنى: تركه، قال الله سبحانه: ﴿ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) ﴾ [التوبة: 67].
فينبغي أن نكثر من ذكر الله، وأن نذلِّلَ ألسنتنا لذكر الله، ﴿ وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) ﴾ [الأحزاب: 42].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ، فَقَالَ: «سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ» قَالُوا: وَمَا الْمُفَرِّدُونَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «الذَّاكِرُونَ اللهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ» رواه الإمام مسلم (2676).
ومن جلس في مجلس وقام ولم يذكر الله عَزَّ وَجَل فيه قام عن جيفة حمار، كما روى أبو داود (4855) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلِسٍ لَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ فِيهِ، إِلَّا قَامُوا عَنْ مِثْلِ جِيفَةِ حِمَارٍ وَكَانَ لَهُمْ حَسْرَةً» وهو في «الصحيح المسند» (1328) لوالدي رَحِمَهُ الله.
فمن جلس في مجلس وقام ولم يذكر الله فيه كأنه قام عن أكل جيفة حمار، وهذا تنفير شديد، وتحذير من نسيان ذكر الله عَزَّ وَجَل في المجالس.