جديد المدونة

جديد الرسائل

الثلاثاء، 30 نوفمبر 2021

(86)سِلْسِلَةُ التَّفْسِيْرِ

 

[سورة الحج (22) : الآيات 63 الى 66]

﴿أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّماءِ مَاءً﴾ إلى قوله: ﴿إِنَّ الإِنسانَ لَكَفُورٌ (66)﴾

﴿فَتُصبِحُ الأَرضُ مُخضَرَّةً﴾  قال ابن كثير: أي: خضراء بعد يباسها وَمُحُولِهَا.

 ﴿إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ﴾ أَي: عَلِيمٌ بِمَا فِي أَرجَاءِ الأَرضِ وَأَقطَارِهَا وَأَجزَائِهَا مِنَ الحب وإن صغر، ولا يَخفَى عَلَيهِ خَافِيَةٌ، فَيُوَصِّلُ إِلَى كُلٍّ مِنهُ قِسطَهُ مِنَ المَاءِ فَيُنبِتُهُ بِهِ.

﴿لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الأَرضِ﴾ أَي: مُلكُهُ جَمِيعُ الأَشيَاءِ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّا سِوَاهُ، وَكُلُّ شَيءٍ فَقِيرٌ إِلَيهِ، عَبدٌ لَدَيهِ.

﴿ أَلَم تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَا فِي الأَرضِ﴾ أَي: مِن حَيَوَانٍ وَجَمَادٍ وَزُرُوعٍ وَثِمَارٍ.

﴿وَالفُلكَ تَجرِي فِي البَحرِ بِأَمرِهِ﴾ أَي: بِتَسخِيرِهِ وَتَسيِيرِهِ.

﴿وَيُمسِكُ السَّماءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إِلَّا بِإِذنِهِ﴾ مِن لُطفِهِ وَرَحمَتِهِ وَقُدرَتِهِ يُمسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الأَرضِ إِلَّا بِإِذنِهِ، ولهذا قال:﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ﴾ أَي «مَعَ ظُلمِهِم».

﴿وَهُوَ الَّذِي أَحياكُم﴾ أَي: خَلَقَكُم بَعدَ أَن لَم تَكُونُوا شَيئًا يُذكَرُ، فَأَوجَدَكُم.

﴿ثُمَّ يُمِيتُكُم ثُمَّ يُحيِيكُم﴾ أَي: يَومَ القِيَامَةِ.

﴿إِنَّ الإِنسانَ لَكَفُورٌ﴾ أي: جحود.

- من الفوائد:

نستفيد الدلالة على علم الله الشامل، وقدرته التامة، وعظيم سلطانه، فهو منزل الأمطار ومنبت النبات، والله قادر على أن ينبت الأرض من غير مطر، ولكن هذه أسباب.

- دلالة على وحدانية الله، والإيمان بالبعث وحجة على منكري البعث، فإن من قدر على إنزال المطر وإخراج نبات الأرض فإنه يكون هو المستحق للعبادة وحده، ويدل أيضًا على بعث الناس من قبورهم أحياءً.

- وفيه رحمة الله وحده بعباده، وإكرامه لخلقه، فهو يخرج هذه الثمرات رحمة بالعباد وأرزاقًا لهم.

- وفيه تذكير الله عباده بنعمه وإحسانه إلى خلقه؛ ليشكروه ويوحدوه، وهذه النعم عامة للكافر والمسلم، ولكن النعمة في حق المسلم دائمة ومستمرة، ففرق بين النعمتين.

- وفيه الحث على الاعتبار والتفكر في نعم الله.

- وفيه أن الجميع عبيد لله، فالملك ملكه، والخلق خلقه.

- وفيه كمال غنى الله، فالله هو الغني ونحن الفقراء، وما أحسن ما قال الطحاوي رَحِمَهُ الله: وَيَملِكُ كُلَّ شَيءٍ وَلَا يَملِكُهُ شَيءٌ وَلَا غنى عن الله تَعَالَى طَرفَةَ عَينٍ وَمَنِ استَغنَى عَنِ اللَّهِ طَرفَةَ عَينٍ فَقَد كَفَرَ وَصَارَ مِن أَهلِ الحين. «العقيدة الطحاوية» (89).

- وفيه أن من أسماء الله الحسنى: اللطيف، الخبير، الغني، الحميد.

- وفيه أن من أنواع النعم تسخير الله لعباده الأرض وما فيها وسخر لعباده الفلك -الفلك: وهي السفن-، وهكذا في أزمنتنا الطائرات تسخير من الله تمشي في الهواء، ﴿ وَيَخلُقُ مَا لَا تَعلَمُونَ (8) ﴾[النحل:8 ]، فالله هو الذي سخرها وهيأها وذلَّلها.

- وفيه أن الله هو الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض وليس بطبيعتها.

- وفيه أن الله إذا أذن للسماء بالسقوط تسقط، وهذا يكون يوم القيامة، والإذن هنا في الآية كوني قدري.

- وفيه جحد ابن آدم لنعم الله، ولا يوفَّق للشكر إلا القليل كما قال تعالى:﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13)﴾[سبأ] .