زَيدُ بنُ عَمرِو بنِ نُفَيلٍ
هو زيد بن عمرو بن نفيل العدويّ، والد سعيد بن زيد أحد العشرة، وابن عم عمر بن الخطاب. ذكره البغويّ، وابن مندة، وغيرهما في الصَّحابة، وفيه نظر؛ لأنه مات قبل البعثة بخمس سنين. اهـ المراد من « الإصابة في تمييز الصحابة»(2/507).
فعلمنا أن زيد بن عمرو بن نفيل ليس بصحابي لكنه رجل فاضل، وقد التقى بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل البعثة، ولما مات أثنى عليه، ونذكر حديثًا واحدًا في لقائه بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
عن زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُرْدِفِي فِي يَوْمٍ حَارٍّ مِنْ أَيَّامِ مَكَّةَ، وَمَعَنَا شَاةٌ قَدْ ذَبَحْنَاهَا وَأَصْلَحْنَاهَا، فَجَعَلْنَاهَا فِي سُفْرَةٍ، فَلَقِيَهُ زَيْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ، فَحَيَّا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ بِتَحِيَّةِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا زَيْدُ، يَعْنِي زَيْدَ بْنَ عَمْرٍو، مَالِي أَرَى قَوْمَكَ قَدْ شَنِفُوا لَكَ» ، قَالَ: وَاللَّهِ يَا مُحَمَّدُ إِنَّ ذَلِكَ لِغَيْرِ تِرَةٍ لِي فِيهِمْ، وَلَكِنْ خَرَجْتُ أَطْلُبُ هَذَا الدِّينَ حَتَّى أَقْدِمَ عَلَى أَحْبَارِ خَيْبَرَ فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ، وَيُشْرِكُونَ بِهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِالدِّينِ الَّذِي أَبْتَغِي، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدِمَ عَلَى أَحْبَارِ الشَّامِ، فَوَجَدْتُهُمْ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيُشْرِكُونَ بِهِ، فَقُلْتُ مَا هَذَا بِالدِّينِ الَّذِي أَبْتَغِي ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: إِنَّكَ لَتَسْأَلُ عَنْ دِينٍ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا يَعْبُدُ اللَّهَ بِهِ إِلَّا شَيْخٌ بِالْجَزِيرَةِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَقْدِمَ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآنِي، قَالَ: إِنَّ جَمِيعَ مَنْ رَأَيْتَ فِي ضَلَالٍ، فَمِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟، قُلْتُ: أَنَا مِنْ أَهْلِ بَيْتِ اللَّهِ، مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْقَرَظِ، قَالَ: إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُ قَدْ ظَهْرَ بِبَلَدِكَ، قَدْ بُعِثَ نَبِيُّ قَدْ طَلَعَ نَجْمُهُ، فَلَمْ أُحِسُّ بِشَيْءٍ بَعْدُ يَا مُحَمَّدُ، قَالَ: فَقَرَّبَ إِلَيْهِ السُّفْرَةَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟، قَالَ: شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْصَابِ، قَالَ: مَا كُنْتُ لِآكُلَ شَيْئًا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ وَتَفَرَّقَا قَالَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ: فَأَتَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ وَأَنَا مَعَهُ، فَطَافَ بِهِ وَكَانَ عِنْدَ الْبَيْتِ صَنَمَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ نُحَاسِ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: يَسَافٌ، وَلِلْآخَرِ نَائِلَةٌ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ إِذَا طَافُوا تَمَسَّحُوا بِهِمَا، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَمْسَحْهُمَا فَإِنَّهُمَا رِجْسٌ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لَأَمْسَحَنَّهُمَا حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَقُولُ: فَمَسَحْتُهُمَا، فَقَالَ: يَا زَيْدُ أَلَمْ تُنْهَهُ؟، قَالَ: وَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَمَاتَ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُبْعَثُ أُمَّةً وَحْدَهُ». رواه البزار (1331) عَن زَيدِ بنِ حَارِثَةَ، وهو في «الصحيح المسند» (354) لوالدي رَحِمَهُ الله.
وقوله: شَاةٌ ذَبَحْنَاهَا لِنُصُبٍ مِنْ هَذِهِ الْأَنْصَابِ. قال إبراهيم بن إسحاق الحربي في «غريب الحديث» (2/791): لذلك وجهان:
إما أن يكون فعله من غير أمر رسول الله ولا رضاه، إلا أنه كان معه فنسب ذلك إليه؛ لأن زيدًا لم يكن معه من العصمة ما كان الله أعطاه نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ومنعه مما لا يحل من أمر الجاهلية وكيف يجوز ذلك وهو قد منع زيدًا في حديثه هذا بعينه أن يمس صنمًا.
وما مسه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل نبوته ولا بعد، فهو ينهى عن مسه ويرضى أن يذبح له، هذا محال.
والوجه الثاني: أن يكون ذبح لزاده في خروجه فاتفق ذلك عند صنم كانوا يذبحون عنده، فكان الذبح منهم للصنم والذبح منه لله تعالى إلا أن الموضع جمع بين الذبحين، فأما ظاهر ما جاء به الحديث فمعاذ الله.