جديد المدونة

جديد الرسائل

الأحد، 18 يوليو 2021

(2) من أحكام الأضاحي

 

رواية الأكل من كبد الأُضحية وحكم هذه المسألة

تقول أخت لي في الله- كان الله لها-: أرغب تذكرين لي حديث

 بُرَيْدة رضي الله عنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم إِذَا كَانَ يَوْمُ الفِطْرِ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَأْكُلَ شَيْئًا، وَإِذَا كَانَ الأَضْحَى لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا حَتَّى يَرْجِعَ، وَكَانَ إِذَا رَجَعَ أَكَلَ مِنْ كَبِدِ أُضْحِيَتِهِ»، وتقفين عليه هل هو صحيح؟

الحديث بهذا اللفظ رواه البيهقي (3/401)، وفي الإسناد الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي، ولم يصرِّح بالتحديث من شيخ شيخه، وهو يدلس تدليس التسوية.

 وفيه: عُقْبة بن عبد الله الأَصَمّ الرِّفَاعي، ضعيف.

ورواه الإمام أحمد (38/88)، وعنده: «حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ». وفيه الرفاعي المذكور، ومن غير تعيين الأكل من كبد الأُضحية.

ولضعف السند؛ فقد ضعَّف هذه الزيادة(من كبد أضحيته) العلامة الألباني رحمه الله في تعليقه على « سبل السلام»(2/200).

ولهذه الرواية الضعيفة استحب الأكل من كبد الأَضحية جماعة من العلماء.

  وهذا ترجيح والدي الشيخ مقبل رحمه الله، بقوله، فقد كان يذكر هذا، وأيضًا بفعلِه، فقد كان يحرص على الأكل من كبد أُضحيتِه، وكان يحثنا على ذلك، وهذا يدل أنه لم يكن يرى اختصاصه برب الأُضحية.

وبما أن الرواية ضعيفة فسواء أكل من كبدها، أو أي جزءٍ من لحمها.

ومن اختار الأكل من الكبد فاعتمادًا على هذه الرواية الضعيفة، وبعضهم اختاره؛ لخفتِها وسُرعة نضجها.

قال الشيخ ابن عثيمين في «مجموع الفتاوى»(16/234): أما اختيار أن يكون الأكل من الكبد فإنما اختاره الفقهاء؛ لأنها أخف وأسرع نضجًا، وليس من باب التعبد بذلك. اهـ.

وقد ثبت الإمساك عن الأكل يوم الأضحى حتى يرجع  من  حديث بريدة رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَوْمَ الْفِطْرِ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يَطْعَمَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ لَا يَطْعَمُ حَتَّى يَرْجِعَ. رواه أحمد (28/87)، والترمذي (542)، وهو حديث حسن؛ من أجل ثواب بن عتبة، قال إسحاق بن منصور عن ابن معين: ثقة، وقال الدوري عنه: شيخ صدوق ثقة، وقال ابن أبي حاتم: أنكر أبي وأبو زرعة توثيقه.

وقال الآجري عن أبي داود: هو خير من أيوب بن عتبة، وثواب ليس به بأس. اهـ مختصرًا من «تهذيب التهذيب» (2/30).

وله بعض الشواهد ذكرها الحافظ في «فتح الباري»(2/448)، ثم قال: وَقَدْ أَخَذَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ. اهـ.

وثبت بخصوص عيد الفطر: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» رواه البخاري(953).

وفي رواية علَّقها البخاري عقِبَ هذه الرواية «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا».

 وأفادت هذه الرواية أنه يأكلُ التمر أفرادًا إشارة إلى وحدانية الله تعالى.

والحكمة من الأكل قبل الصلاة في عيد الفطر، كما  قال المُهَلَّب كما في «فتح الباري»:أن لا يَظُنَّ ظانٌّ لزومَ الصومِ حتى يُصَلِّي العيد، فكأنه أراد سدَّ هذه الذريعةِ.

ونكون استفدنا من مجموع هذه الأدلة:

 استحباب الأكل يوم الفطر قبل الخروج لصلاة العيد.

أن السنة أن يأكل يوم الفطر تمرات وترًا.

الإمساك عن الأكل يوم الأضحى حتى يرجع من المصلى.

استحباب الأكل من الأُضحية عند الرجوع.

أن زيادة  «من كبد أُضحيته» ضعيفة.

أنه يفطر على ما شاء من الأُضحية من الكبد أو غيرِها، وأما القول باستحباب الأكل من كبد الأضحية  فمبناه  على زيادة ضعيفة.

أن الأضحية عبادة عظيمة وشعيرة من شعائر الإسلام؛ ولهذا استُحِبَّ الأكل منها عند الرجوع.