جديد المدونة

جديد الرسائل

الجمعة، 29 يناير 2021

(22)الآداب

من أسباب البركة في الأرزاق

القناعة

عن حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ، فَأَعْطَانِي ثُمَّ قَالَ: «يَا حَكِيمُ، إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وكان كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى».

 قَالَ حَكِيمٌ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لاَ أَرْزَأُ أَحَدًا بَعْدَكَ شَيْئًا حَتَّى أُفَارِقَ الدُّنْيَا، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَدْعُو حَكِيمًا إِلَى العَطَاءِ، فَيَأْبَى أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ دَعَاهُ لِيُعْطِيَهُ فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ شَيْئًا، فَقَالَ عُمَرُ: إِنِّي أُشْهِدُكُمْ يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ عَلَى حَكِيمٍ، أَنِّي أَعْرِضُ عَلَيْهِ حَقَّهُ مِنْ هَذَا الفَيْءِ فَيَأْبَى أَنْ يَأْخُذَهُ، فَلَمْ يَرْزَأْ حَكِيمٌ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تُوُفِّيَ.

رواه البخار ي(1472ومسلم (1035).

هذا الحديث يفيد: فضل القناعة، والتعفف عما في أيدي الناس، وأن ذلكَ من أسباب البركة في الأرزاق.

ونتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ.

ففكِّر يا من لا تقنع من الدنيا هل انتفعتَ بذلك؟ أم ازددت عناءً وشقاء واسترقَاقًا للدنيا؟!

فكم دقَّت ورقَّت واسترقَّت. . . فضولُ الرزق أعناق الرجال

فسلِ اللهَ القناعة، ففيها البركة والراحة، ولا تغفل عن هذا الدعاء النبوي: اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى. رواه مسلم عن عبد الله بن مسعود.

ومن أسباب البركة في الأرزاق:

المال الحلال

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: الحديث وفي آخره: « فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ، كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ »رواه البخاري(2842ومسلم (1052)واللفظ لمسلم.

«فمن أخذه بحقه»: أي: من كسبٍ حلال.

« وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ»: من كسبٍ حرام وغش وكذب وخداع وتعامل بالربا. . .

الصدق في البيع والشراء والمعاملات

عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا. رواه البخاري(2082ومسلم (1532).

فاحرص على الصدق في تعاملك مع الناس؛ لتجتنب صفة المنافقين، وليبارك الله لك في أرزاقك.

الشكر

فشكر الله مزيدٌ للخير، قال تعالى: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾[إبراهيم ].

الدعاء

ومن أدعية النبي صلى الله علسه وعلى آله وسلم: وبارك لي فيما أعطيت.

صلة الأرحام

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»رواه البخاري(2067ومسلم (2557).

اجتناب المعاصي

 فالمعاصي ممحقة للأرزاق، والطاعة سببٌ للمزيد والبركة، قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)﴾[المائدة].

قال ابن القيم في «الجواب الكافي»(84): مِنْ عُقُوبَاتِهَا-الذنوب-: أَنَّهَا تَمْحَقُ بَرَكَةَ الْعُمُرِ، وَبَرَكَةَ الرِّزْقِ، وَبَرَكَةَ الْعِلْمِ، وَبَرَكَةَ الْعَمَلِ، وَبَرَكَةَ الطَّاعَةِ.

هذه بعض أسباب البركة في الأرزاق. وما أكثر الشكاوى عن نزع البركة في الأرزاق، الأوراق كثيرة، والأرباح غزيرة، لكن بركتها قليلة.

فاحرص أيها المسلم وأيتها المسلمة على بذل الأسباب المشروعة، في بركة الأرزاق. والبركة من الله.