جديد الرسائل

الأربعاء، 10 يونيو 2020

(26) العلم وفضلُه

فوائد تتعلق بالعلم وآداب طالبِه

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ،رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ وَالنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَ وَاحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وَأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وَأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ»رواه البخاري(66)،ومسلم(2176).

في هذا الحديث فوائد  كثيرة تتعلق بآدب العلم وحلقاته،منها:

-التعليم في المساجد.

-التحلُّقُ في مجالس العلم.

-فضل حلقات ومجالس العلم إذ من أوى إليها آواه الله.

-تنظيم الحلقة وسدِّ خللِها.فمن جاء ووجد فرجة يجلس فيها.

-(اسْتِحْبَابُ الْقُرْبِ مِنْ كَبِيرِ الْحَلْقَةِ لِيَسْمَعَ كَلَامَهُ سَمَاعًا بَيِّنًا وَيَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهِ)ما بين القوسين من «شرح صحيح مسلم»للنووي.وهذا مأخوذ من قوله:«فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».

وكان والدي الشيخ مقبل رحمه الله:يحث المتباعد بالقرب،ويقول:اجلس ههنا يا بني يعني بالقرب منه.

قال القرطبي في «المفهم » القُرب من العالم أَولى، لِمَا يحصل من ذلك من حسن الاستماع، والحفظ .اهـ

-التزاحم بين يدى العالم من أفضل أعمال البر«شرح صحيح البخاري»(2/121)لابن بطال.

-قال ابن عبد البرّ رحمه الله في «التمهيد»(1/316):فِيهِ التَّخَطِّي إِلَى الْفُرَجِ فِي حَلْقَةِ الْعَالِمِ وَتَرْكُ التَّخَطِّي إِلَى غَيْرِ الْفُرَجِ،قال:وَلَيْسَ مَا جَاءَ مِنْ حَمْدِ التَّزَاحُمِ فِي مَجْلِسِ الْعَالِمِ وَالْحَضِّ عَلَى ذَلِكَ بِمُبِيحٍ تَخَطِّي الرِّقَابِ إِلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْأَذَى، كَمَا لَا يَجُوزُ التَّخَطِّي إِلَى سَمَاعِ الْخُطْبَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ،فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ التَّخَطِّي إِلَى الْعَالِمِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلًا يُفِيدُ قُرْبُهُ مِنَ الْعَالِمِ فَائِدَةً وَيُثِيرُ عِلْمًا فَيَجِبُ حينئذ أن يُفتح له لئلا يُؤْذِيَ أَحَدًا حَتَّى يَصِلَ إِلَى الشَّيْخِ،وَمِنْ شَرْطِ الْعَالِمِ أَنْ يَلِيَهُ مَنْ يَفْهَمُ عَنْهُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ليلني منكم أولوا الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى. يَعْنِي: فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا لِيَفْهَمُوا عنه يؤدوا مَا سَمِعُوا كَمَا سَمِعُوا مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلِ مَعْنًى وَلَا تَصْحِيفٍ،وَفِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُتَخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ «أذيت وأنيت»بَيَانُ أَنَّ التَّخَطِّيَ أَذًى، وَلَا يَحِلُّ أَذَى مُسْلِمٍ بِحَالٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِ الْجُمُعَةِ.

وَمَعْنَى التَّزَاحُمِ بِالرُّكَبِ فِي مَجْلِسِ الْعَالِمِ الِانْضِمَامُ وَالِالْتِصَاقُ يَنْضَمُّ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ عَلَى مَرَاتِبِهِمْ،وَمَنْ تَقَدَّمَ إِلَى مَوْضِعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ،إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قُرْبِ أُولِي الْفَهْمِ مِنَ الشَّيْخِ فَيُفْسَحُ لَهُ،وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَبَطَّأَ ثُمَّ يَتَخَطَّى إِلَى الشَّيْخِ لِيَرَى النَّاسُ مَوْضِعَهُ مِنْهُ فَهَذَا مَذْمُومٌ، وَيَجِبُ لِكُلِّ مِنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ بِالتَّبْكِيرِ.اهـ

                    وقال الحافظ في«فتح الباري »:فيه جواز التخطي، لسد الخلل، مالم يؤذ فإن خشِي استُحب الجلوس حيث ينتهي كما فعل الثاني.اهـ

                    فإذا وُجِدَت فرجة في الحلقة جاز التخطي إليها،مع الحرص على عدم أذية من يتخطاهم.

-أنَّ من سبق إلى المكان فهو أحقُّ به.

وفي الحديث المتفق عليه:لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه.

وينبغي أن يبكِّرَ إذا أحب أن يجلس في موضعٍ معيَّن،أما أن يقيم من سبقه فلا يجوز،أو يسبِّب ضغائن في القلوب هذا ليس بمحمود.

-الجلوس حيث ينتهي به المجلس.كما ترجم بذلك البخاري على هذا الحديث.مأخوذ من قوله:«فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا،وَأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ ».

                    -تنافس طلبة العلم في الانضمام في حلقة العلم.

                    كما قال الحافظ:فيه الثناء على من زاحم في طلب الخير.«فتح الباري».

-أن من قصد العلم ومجالسه، ثم أعرض عنها، فإن الله يعرض عنه، ومن أعرض الله عنه فقد تعرض لسخطه، ألا ترى قوله:﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِىَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَ﴾  [الأعراف: 175]،وهذا انسلخ من إيواء الله بإعراضه عنه. «شرح صحيح البخاري»(1/149)لابن بطال.

-إيواء المعلم من جلس إليه متعلِّمًا.

-ابتداء المعلم طلبته بالفائدة من غير أن يسأل أحدهم لقوله:« أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ ».