الخشوع في الصلاة والقيام
قال
البخاري رحمه الله : بَابُ الخُشُوعِ فِي الصَّلاَةِ.
ثم أخرج
حديثين:
الأول:عَنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ برقم(741)أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ:«هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا هُنَا، وَاللَّهِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ
رُكُوعُكُمْ وَلاَ خُشُوعُكُمْ، وَإِنِّي لأَرَاكُمْ وَرَاءَ ظَهْرِي».
الثاني:
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ برقم(742)عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ:«أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَوَ اللَّهِ إِنِّي
لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي وَرُبَّمَا قَالَ: مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي إِذَا رَكَعْتُمْ
وَسَجَدْتُمْ».
أما
مناسبة الحديث الأول للباب فواضح.
وأما
حديث أنس فقال الحافظ :اسْتَشْكَلَ إِيرَاد البُخَارِيّ لحَدِيث أنس هَذَا لكَونه
لا ذكر فِيهِ لِلْخُشُوعِ الَّذِي تَرْجَمَ لَهُ.
وَأُجِيبَ
بِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْخُشُوعَ يُدْرَكُ بِسُكُونِ
الْجَوَارِحِ إِذِ الظَّاهِرُ عُنْوَانُ الْبَاطِنِ.اهـ
وقد وُصِفَ جمعٌ من
السلف بأن أحدهم إذا قام يصلي كأنه عودٌ أو
وتَدٌ لا يتحرَّك،ولا يميل يمينًا ولا يسارًا،ومِن هؤلاء:
عبد الله
بن الزبير
عَنْ
مُجَاهِدٍ، قَالَ: «كَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إذَا قَامَ فِي الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ
وَتِدٌ». رواه ابن أبي شيبة في «المصنف»(7/148).
سعيد بن
جبير
عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ:كَانَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا قَامَ فِي
الصَّلَاةِ كَأَنَّهُ وَتَدٌ.رواه يعقوب بن سفيان الفسوي في «المعرفة»(1/713).
مسلم بن يسار
عن ابْنِ
عَوْنٍ، قَالَ:«رَأَيْتُ مُسْلِمَ بْنَ يَسَارٍ يُصَلِّي كَأَنَّهُ وَتَدٌ لَا
يَمِيلُ عَلَى قَدَمٍ مَرَّةً وَلَا عَلَى قَدَمٍ مَرَّةً، وَلَا يَتَحَرَّكُ لَهُ
ثَوْبٌ»رواه أبو نعيم في «حلية
الأولياء»(2/291).
عطاء بن
أبي رباح
عن ابن
جريج، قال: كان عطاء بعدما كبر وضعف يقوم إلى الصلاة، فيقرأ مائتي آية من البقرة، وهو
قائم ما يزول منه شيء، ولا يتحرك. رواه ابن أبي خيثمة في «تاريخه» (1/589).
وكيع بن الجراح
عن أحمد بن سنان الواسطي، قال: رأيت وكيعًا إذا قام في الصلاة ليس يتحرك منه شيء لا يزول، ولا يميل على رجل دون الأخرى، لا يتحرك، كأنه صخرة قائمة. رواه عبدالرحمن بن أبي حاتم في «مقدمة الجرح والتعديل» (222).
وكل هذه
الآثار ثابتة،ولله الحمد.
فليستعن بالله المصلي
ويجاهد نفسه على الخشوع فإن الخشوع فلاح وسعادة،وهو روح الصلاة ولبُّهَا ،فعلى المصلي
أن يتنبَّه وأن يُلقي عنه الوساوس،والحركة التي لا حاجة لها،فإن الظاهرَ عنوان
الباطن،كما في حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:أَلَا
وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا
فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ.
اللهم إنا نعوذ بك من
علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفسٍ لا تشبع ومن دعوةٍ لا يستجاب لها.